responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحوث و مقالات نویسنده : كاشف الغطاء، عباس    جلد : 1  صفحه : 418

مقوضات المودة

حرصت الشريعة الإسلامية بتوجيهاتها الصائبة وتعليماتها السديدة على غرس الحب والمودة في النفوس ليعيش بنو البشر حياة كلها رغد وسرور وتحف بها الأفراح ويغمرها الإخاء والوفاء، وحذرت وأنذرت الناس من كل ما يبعث في النفوس من الضغائن والبغضاء لما في ذلك من ضرر وخطر على المجتمع والفرد، فنهت عن التخلق بكل الصفات المقوضة للمودة التي تقطع هذه الصلة الروحية والرابطة المقدسة وهي:

1. التملق: وهو الجرثومة الفتاكة التي تنخر في هيكل المودة التي تقضه من أساسه وتقوض دعائمه، لذلك أمرنا الرسول الأعظم (ص) بالإخلاص في المودة وحذرنا من التملق وأنذرنا بعواقبه الوخيمة، قال رسول الله (ص) (ذا الناس أظهروا العلم، وضيعوا العمل، وتحابوا بالألسن، وتباغضوا بالقلوب وتقاطعوا بالأرحام لعنهم الله عز وجل وأصمهم وأعمى أبصارهم). وقال الإمام العسكري (ع): (بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين يطري أخاه شاهدا ويأكله غائبا، إنْ أُعطي حسده وإنْ ابتلى خذله).

2. الخيانة: وهي من أفضع الجرائم وأقبح الرذائل تكشف عن خبث السريرة وانحطاط الأخلاق، لذلك حذروا أهل بيت العصمة الملأ الإسلامي من التلوث بهذه الصفة الرذيلة، قال أمير المؤمنين (ع): (المؤمن لا يعير أخاه ولا يخونه ولا يتهمه ولا يخذله ولا يتبرأ منه). ومصاديق الخيانة عديدة منها: (إذا استشارك أخوك فأشرت عليه برأي تعلم أنّ فيه ضررا عليه فقد خنت، كما قال رسول الله (ص): (من أشار على أخيه بأمر يعلم أنّ الرشد في غيره قد خانه)، ومنها: أنّ تحفظ على أخيك بعض زلاته لتفضحه بين الناس، وهذه الناحية إلى الكفر أقرب لما روي عن نبي الرحمة: (أدنى الكفر أن يسمع الرجل من أخيه كلمة فيحفظها عليه يريد أن يفضحه بها أولئك لا خلاق لهم)، ومنها: أن يستعين بك أخوك في حاجة فلا تبالغ في قضائها بكل جهدك، قال الإمام الصادق (ع) (أيما رجل من أصحابنا استعان به رجل من إخوانه في حاجة فلم يبالغ فيها بكل جهده فقد خان الله ورسوله والمؤمنين).

3. الجدل والمراء: وهما مكدر للصفاء بين الناس ومقوضا لدعائم الأخوة ولو كان المرائي والمجادل محقا في جدله فإنّ من عاشر الناس ووقف على شؤونهم يلمس ما للمجادلة والمخاصمة من مضار وخيمة ونتائج سيئة توقع الضرر العظيم وتورث في القلوب العداوة والبغضاء. قال الرسول الأعظم (ص): (إياكم والمراء والخصومة فإنّهما يمرضان القلب على الإخوان وينبت عليها النفاق). وقال الإمام الهادي (ع): (المراء يفسد الصداقة القديمة، ويحل العقدة الوثيقة، وأقل ما فيه أن تكون فيه المغالبة والمبالغة أس أساس القطعية).

4. التكلف: وهو الداء العضال لقطيعة الناس والتدابر، قال رسول الله (ص): (شر الأصدقاء من تكلف له)، وقال أمير المؤمنين (ع) (شر الألفة ترك الكلفة)، ويعرف المتكلف بالعلامات التي ذكرها رسول الله (ص) بقوله: (إن للمتكلف من الرجال ثلاث علامات: يتملق إذا شهد ويغتاب إذا غاب، ويشمت بالمصيبة).

5. الشماتة: وهي أن يفرح بما يقع على أخيه من بلية ومصيبة أو يبدي بأنه مستحق لمثل هذا السوء فعله وعمله، والشماتة لا تكون إلا من العدو المستتر الذي من الصعب على الإنسان أن يحذره ويتقي شره وهو أضد على الإنسان من العدو الظاهر، لأن الإنسان يستطيع أن يبتعد عن عدوه ويفر منه لئلا يصيبه منه أذى ويقول الشاعر المتنبي في هذا:

ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى‌

عدو له ما من صداقته بدُ

نام کتاب : بحوث و مقالات نویسنده : كاشف الغطاء، عباس    جلد : 1  صفحه : 418
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست