الحمد لله رب العالمين و
الصلاة و السلام على محمد و آله الغر الميامين و صحبه المنتجبين و بعد:
فقد اتجه الإنسان منذ التأريخ
إلى محاولة تنمية ماله و كثيراً ما سلك طرائق غير سليمة ليصل إلى هذا الهدف. و كان
من أيسرها و أسرعها في تنمية المال (الربا).
و قد جاءت النصوص
السماوية قاطعة بتحريمه. لتعبر عن الفطرة السليمة للإنسان.
ثمّ ظهرت في المجتمع
الحديث مؤسسات مالية لم تكن موجودة من قبل بشكلها الحالي كالمصارف، و كانت من أخطر
الأمور المستجدة التي واجهت الحياة الإسلامية التي تبلورت في صورتها الجديدة تبعاً
لظروف النهضة الأوربية الحديثة، و نمت هذه المؤسسات و تعامل بها عدد كبير من
الناس. ثمّ بعد ذلك بدأ الكلام على رأي الإسلام فيها من جهة التحليل و التحريم. و
تفاوتت آراء الناس إزاء التعامل مع هذه المؤسسة الطارئة على حياتهم. و اختلفت
لديهم الاتجاهات و المعايير. فمنهم مَنْ آثر العزلة و الابتعاد مفضلًا الحرمان على
الدخول في شبهات الحرام و مزالق الربا. و منهم من تخير في تعامله جانب الاستفادة
من الخدمات البعيدة عن الشبهات قدر الإمكان، و منهم من دخل المعترك غير آبه بما
يقال من حلال أو حرام.
و لعل الذي يتبادر إلى
الذهن مما تقدم هو أن المصلحة تكمن في إلغاء النظام المصرفي. و لكن أسارع إلى
القول بأن هذه الفكرة بعيدة كل البعد عن خيالي. لأن النظام المصرفي يسدي خدمات
جليلة للمجتمع لا