أنواع العملة التي تختلف من إمارة إلى أخرى،
جعلت الصراف رجلا يقوم بتجارة بيع و شراء العملات المختلفة[1].
و كان الصيارفة في تلك المدة يجلسون في الموانئ و الأماكن العامة للاتجار بالنقود
و امامهم مناضد تسمى بالإيطالية) Banco (، و منها استعملت كلمة (بنك). و كان الجمهور يحطم منضدة من يعجز
عن الوفاء بما تعهد به.
و قد اهتمت الدول و الحكومات المختلفة بتشجيع هذا النوع من التجارة
بعد أن ظهرت الحاجة إليها، فاتسع نطاقها[2].
و قد قامت المنظمات الكنائسية و الرهبنات بدور كبير في هذا المجال،
حيث تلقت الودائع من الأمراء و الإقطاعيين و الملوك و البابوات و التجار. و السبب
في ذلك يعود إلى أن المكان الذي يودع هؤلاء فيه أموالهم كان محصنا و جيد الحراسة
بصورة يطمئن معها المودعون إلى أن أموالهم ستكون بمأمن من السرقة و الضياع. و قد
كانت الصلات بين هذه المراكز التي أتخذها رجال هذه المنظمات في مختلف المدن
التجارية، وثيقة منتظمة بحيث صار نقل الأموال من مركز إلى آخر يتم بوساطتهم. و
بذلك نشأت أولى عمليات تسوية الديون المتعلقة بدائن و مدين يقيمان في مدينتين
مختلفتين بوساطة الحوالات.
و قد أدى منع القرض بفائدة من جانب الكنيسة إلى إعطاء اليهود أولوية
في القيام بأعمال الإقراض و إلى إحرازهم منذ القديم أرجحية في الأعمال المالية و
المصرفية[3].
المصادر الرئيسة لنشأة المصارف:
أثبتت الدراسات التاريخية أن نشأة المصارف تنحدر من ثلاثة مصادر
[1] د. السباعي. نهاد و الدكتور رزق الله انطاكي،
موسوعة الحقوق التجارية، الطبعة الثالثة، مطبعة جامعة دمشق، 1380 ه- 1961 م، 3/
110
[2] د. مرعي. عبد العزيز و الدكتور عيسى عبده
إبراهيم، النقود و المصارف، الطبعة الأولى، مطبعة لجنة البيان العربي، 1962 م، ص
194
[3] د. السباعي. نهاد. د. رزق الله انطاكي، موسوعة
الحقوق التجارية، مصدر سابق، 3/ 112