responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المثل العليا في الإسلام نویسنده : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 37

فأين العدل العدل في القضاء، وأين ميزان السماء.

فقلت له: ان هذا السؤال وأمثاله ناشئ عن تفريطنا معاشر المسلمين في كتاب الله العظيم، كأنك لم تقرأه أو قرأت ولم تتدبر ما قرأت، يقول سبحانه من قائل: (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ‌).

نحن لانغمارنا في المادة، وغلبة شهواتنا على عقولنا، وانطماس نور الهدى منا، تحسب ان أولئك العتاة المتنعمين بالقصور والفجور تحسبهم في نعيم وحبور، وهم في عين الوقت في شقاء وبلاء. وانما هم كأولئك المرضى الذين يسلب الأطباء حسهم وشعورهم (البنج) كي يقطعوا لحومهم وجلودهم فلا يحسون ولا يتألمون.

وعند الصباح يحمد القوم السرى‌

وتنجلي عنهم غيابات الكرى‌

وقديماً قلت ان قوله تعالى: (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ‌) ليس معناه انها ستحيط بهم يوم القيامة. بل سطح الآية ونصها يقول ان جهنم محيطة بهم حالا. غايته لا يحسون بذلك الا بعد حين. انا وأنت لضعف اداركنا وغلبة الشهوات على أرواحنا نرى ان نعومة العيش والترف، هو الشأن والشرف، وان الحياة البهيمية واللذة الحيوانية، هي الغاية والوسيلة إلى السعادة الأبدية لروح الانسان، وان الغاية من خلق الانسان هو هذه الحياة التعيسة. التي تبدو لذيذة ونفيسة. ولا أريد أطيل عليك في هذا الموضوع وأصعد بك الى اللانهاية من أجواء الملكوت التي لعلي لست أنا أهلا لها ولا أنت ولكني أختمه لك بآية من كتاب الله، وأوصيك أكيداً ان تتدبرها ما وسعك التدبر عسى ان ينفتح لك منها أبواب من المعارف يثلج بها صدرك، وتطمئن بها نفسك يقول جل شأنه (يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ). ثم ما يدرينا ماذا يخلف هذا الماء من البلاء وما يتبقى منه في المستنقعات التي يحدث منها أنواع الأمراض (لا سمح الله) فتكون نكبة هؤلاء الأغنياء المتنعمين أشد من نكبات أولئك الفقراء المساكين.

أساليب العمل في الإسلام لرفع الظلم ودفع الشر ومقاومة الشعوب للاستبداد والفساد

الوسائل المتبعة للاصلاح الاجتماعي وتحقيق الدل وتمزيق الظلم ومقاومة الشر والفساد، تكاد تنحصر في ثلاثة أنواع:

(1) وسائل الدعوة والارشاد بالخطب والمقالات والمؤلفات والنشرات. وهذه هي الخطة الشريفة التي أشار اليه الحق جل شأنه بقوله:

(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ‌). وقوله عز شأنه: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ‌).

وهذه هي الطريقة التي استعملها الإسلام في أول البعثة وهي خطتنا التي ما زلنا عليها منذ تحملنا المسؤولية ونهضنا بأعباء الاصلاح، والمرجعية الدينية والوظائف الروحية منذ خمسين سنة لا ندعو الى ثورة ولا نرضى باضراب واضطرابات، وننشد السكينة والسلام في كل مقام.

(2) وسائل المقاومة السلمية والسلبية، كالمظاهرات والإضرابات والمقاطعة الاقتصادية. وعدم التعاون مع الظالمين وعدم الاشتراك في أعمالهم وحكومتهم. وأصحاب هذه الطريقة لا يبيحون اتخاذ طريق الحرب والقتل والعنف وهي المشار اليها بقوله تعالى: (تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ* لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ). وفي القرآن الكريم كثير من الآيات التي تشير الى هذه الطريقة. وأشهر من دعا الى هذه الطريقة وأكد عليها النبي الهندي بوذا والمسيح عليه السلام والأديب الروسي تولستوي والزعيم الهندي الروحي (غاندي).

(3) الحرب والثورة والقتال: والإسلام يتدرج في هذه الأساليب الثلاثة. (الأول) الموعظة الحسنة والدعوة السليمة، فان لم تنجح في دفع الظالمين ودرء فسادهم واستبدادهم.

(4)

نام کتاب : المثل العليا في الإسلام نویسنده : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 37
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست