الحمد لله الذي مهّد
قواعد الدين بكتابه المحكم، وشيّد معاقد العلم بخطابه وأحك- م، وصلى الله على
رسوله محمد وعلى آله المخصوصين بجوامع الكَلِم وبدائع الحِكَم، وودائع العلم
والحلم والكرم.
فهذه قواعد مهمة، وفوائد
جمّة، تضبط للفقيه أصول المذهب، وتُطْلِعُهُ من مآخذ الفقه على ما كان عنه قد
تغيّب، وتنظم له منثور المسائل في سِلْكِ واحد، وتقيد له الشوارد، وتقرب عليه كل
متباعد، فان من ضروريات الفقيه البالِغِ درجة الاجتهاد الشرعي أن يكون محيطاً
بالقواعد الفقهية؛ لأنها تعتبر المعدات الأساسية لتحصيل ملكة الاجتهاد، وبقدر ما
يحيط الفقيه بتلك القواعد الفقهية، يعظم قدره، وتتضح مناهج الاستنباط لديه؛ لان
القاعدة الفقهية تشتمل على حكم شرعي عام يُستفاد من تطبيقها الحصول على أحكام
شرعية جزئية هي مصاديق لذلك الحكم العام، ويمكن أن يتعهد المكلف العامي بتطبيقها
دون المجتهد، والقواعد الفقهية لا تنحصر في عدد معين، بل يمكن من خلال مراجعة كتب
الفقه الحصول على قواعد فقهية كثيرة، وهي على قسمين،