المفكرين أساتذة العالم وعقلاءه وإنْ كان بين الفريقين لدى المنصف بَون شاسع وفرق واضح وما وجد في العالم منذ الخليقة عالم أو مفكر إلا وقد عالج هذه المسألة وأحتفظ بنتيجة منها وآراء الفلاسفة من الإلهين والماديين فيها متناقضة متضاربة فإذا نظرنا إلى أولئك الماديّين وجدنا من بينهم جملة ممن لا ينكر اقتدارهم العلمي وبلوغهم الدّرجة العالية في قسم من المعارف والفلسفة، قد ادّعوا البداهة على النفي وإذا ألفتنا النظر إلى الفلاسفة الإلهين وجدنا فيهم أمراء الفلسفة الماديّة والعقليّة ومؤسسي غالب العلوم العالية وهم صفقة واحدة يدعون البداهة على الوجود ولا يستنكف الفريق الثالث من الاعتراف بالعجز والتصريح بالشك والارتياب فما سرّ الغموض الذّي أتعب الأفكار وخاصم بين تلك الآراء ولابدّ من بيان مدخل لكشف ذلك السر.

وقد ذكر له العلماء وجوها تجدها في مؤلفاتهم وإنما أتيناك بما لم نعثر عليه في كتب القوم‌[1].

تنقسم الأعمال العقليّة إلى قسمين:

الأعمال الانفعاليّة: وهي التّي يأتيها العقل منفعلًا من تأثير الصور التّي تتصل به من الخارج كالشعور والتصور.

الأعمال الفاعلية: وهي ما يحدثه العقل إحداثاً ويكون هو البادي به كالاستنتاج والاستنباط والتدبير.

فاتصال المؤثرات الخارجية إلى الدِماغ بواسطة الحواس وحصول صور تلك الأشياء في الذّهن واختزان تلك الصور وتفهم القضايا التي‌

[1] راجع كتاب الأنوار النعمانية للسيد نعمة الله الجزائري طبع إيران سنة 1319 ه-.