فَقُلْتُ للنَفْسِ قُرّي واهْجَعِي فلقد
وقِيتِ ما تحذرينَ اليومَ مِنْ ألمِ
ونلتِ أَقصى المُنى إذْ رحتِ صادرةً
عن ورِد بَحرٍ بموجِ الفضلِ مُلتَطَمِ
حُيْيَتَ يا ابنَ الكرامِ الصيّدِ من أَسَدٍ
هو المعَدّ لكَشفِ الحادث العَمَمِ
المخجِلُ البحرَ في وكّاف[1] راحتهِ
وفي مواهبهِ المُزْرِي على الدّيَمِ
من أيَّد اللهُ فيه الدينَ فاتضحَتْ
بنورهِ سُبُلُ الإرشَادِ للأُممِ
ما أمّهُ المُسْنِتُ العافي وأمّلَهُ
إلَّا وأصدَرهُ عنْ موردٍ شَبمِ[2]
إِن اتَّخَذْتَ حِماهُ مأمناً فلقدْ
أصَبْتَ[3] عِزّاً بِغابٍ مِنْهُ كالحرمِ
وإنْ تحصّنْتَ مِنْهُ خَوفَ نائبةٍ
فقد تحصّنْتَ في عالٍ مِنَ الأطَمِ[4]
أو اتقيتَ به بأساً تُحاذِرُهُ
كنتَ الموقّي حلولَ البأسِ والنِقَمِ
وإنْ تمسّكْتَ فيه رُحْتَ مُتمَسّكاً
منه بحبلٍ متينٍ غيرِ مُنْصَرِمِ
خوّاضُ مَلحَمةٍ مَنّاعُ مَظْلمةٍ
بَدّاعُ مَكرُمةٍ كالوابلِ الرّذمِ[5]
كأنّما سُحبُ كفّيهِ إذا وكفتْ[6]
سيبٌ[7] من اليمّ أو سيلٌ من العَرمِ يحفُّهُ الملأُ الأعلى ويخدمهُ
فَقُلْ ونافِسْ بِمَخْدُومِ لذي الخَدَمِ
والدّهْرُ أذنٌ إلى داعيه واعيةً
وإنْ يكنْ عن دواعي الغيرِ في صَمَمِ
وكلّ أيامِهِ غُرٌّمحجّلةٌ
تُنسيكَ أُنسَ ليالي دارةِ العلَمِ
كم أَفْصَحَتْ برواياتٍ مخبِّرةٍ
عن فضلِ هذا الفصيحِ الحاذقِ الحَكمِ
وأعربتْ عَن مزايا سِرِّ مفْخَرهْ
لنا فباحَثْ بِسرّ غَيْرِ مُنْكتِمِ
[1] وَكَفَ: قَطَرَ.
[2] الشَّبَمُ: البرد.
[3] وردت في المخطوطة( أصبحت).
[4] الأطم: القصر.
[5] رَذَمَ: سال.
[6] وكفت: قطرت.
[7] السيب: مجرى الماء.