كان رسول الله (ص) يقول: (أنا حظكم من
الأنبياء وأنتم حظي من الأمم). أما حظنا من الأنبياء فنعم الحظ ونعم النصيب، ولكن
أنظر كيف حظه منّا؟ أنبعث له الخجل يوم القيامة ونطأطأ رأسه بين الأنبياء أم نرفع
رأسه؟.
فأي حظ له نحن! .. لو كنّا نرتسم سيرة نبينا وصحابته ونأخذ من الألف
واحداً لسعدنا. ولكنا عكسنا الحقيقة ولبسنا الإسلام لبس الفرو مقلوباً. ولو نظرنا
في أحوالنا لم نجد عندنا من حقيقة الإسلام أثراً. نعم! عندنا من الإسلام قشور
خالية من اللب لا تصلح إلَّا لأحراقها في النار. إن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن
ينظر إلى أسراركم. ولو عاد إلينا آباؤنا المسلمون الأولون وعاشرونا لأنكرونا وما
عرفوا من إسلامنا شيئاً.
هذا آخر كلامي فيكم وخطابي لكم، وأستودعكم الله السميع العليم،
وأسأله أن يأخذ بأيديكم إلى حيث المجد والرفعة وسعادة الدنيا والآخرة، وأرجوا أن
لا تكون نصائحي هذه كصرخة في وادٍ ونفخة في رماد، لأنها- كما يشهد الله- خرجت من
قلب فلا تذهب هباء، والله يتولاكم بعنايته والسلام عليكم ورحمة الله.
الخطبة الثالثة
من خطاب سماحته يوم 16 ذي القعدة الحرام 1352 ه- في (جامع الحلة
الكبير) وكانت أحتشدت فيه سيول الجماهير حتى غصَّ الجامع بالمستمعين، وتسوروا على
السطوح وتعلقوا بشرفات الجامع، وكان يوماً مشهوداً. أرتجل سماحته، كعادته (ره) في
جميع خطبه، مستهلًا الكلام: