الأخبار المصرحة بحكمة الوجوب والمبنية للعلة الداعية في عدم
تكليف آخر بها كمالا يخفى على من لاحظها.
الأمر الثاني: قد يتمسك
بالإطلاق على كون الواجب نفسيا إذا دار الأمر بينه وبين الغيري، ثم يستشكل بأن
الإطلاق إنما هو بالنسبة إلى الألفاظ الموضوعة للمعاني الكلية دون ما كانت موضوعة
للجزئيات، وصيغة الأمر وما بمعناها من قبيل الثاني ضرورة اتصاف الفعل بالمطلوبية
بمجرد وقوعه متعلقاً للصيغة ولا يكاد يكون كذلك إلّا بأن يكون مدلولها واقع
الإرادة وحقيقتها إذ لا يكون الشيء مراداً بتعلق مفهوم الإرادة.
ويجاب عن ذلك بالمنع عن
كونها كذلك ضرورة أن واقع الإرادة من الصفات الخارجية الناشئة عن الأسباب الخاصة
وأين هي من المعاني الإنشائية؟ وأما ما ذكر من اتصاف الفعل بكونه مراداً بمجرد
وقوعه متعلقاً للصيغة فلا دلالة فيه على كون الإرادة الواقعية هي المدلول لها، كيف
ولامنافاة بين اتصافه بكونه مراداً بالإرادة الحقيقية والإنشائية؟ لظهور الصيغة في
كون الإرادة الإنشائية ناشئة عن الإرادة الجدية، وأين هذا من كونه مدلولًا لها؟
ومنشأ التوهم إطلاق القول بأن الهيئة موضوعة للطلب غافلًا عن إن المراد فيه مفهومه
لا واقعه فهو من اشتباه المفهوم بالمصداق.
قلت لنا في كل من التمسك
بالإطلاق والإستشكال والجواب نظر.
أما الأول فلأن وجوب
المقدمة على ما سيأتي إن شاء الله من قبيل لوازم الماهية لوجوب ذيها ومعلول له في
مثله لا مجال للتمسك بالإطلاق