بثبوتها شرعي وهذا الكلام كما ترى اعترافاً بالجعل وتوجيهه
بأن المراد من الحكم هو الإخبار والتصديق لا الجعل الشرعي كما ترى في غاية الفساد
إذ التصديق عبارة عن الجعل ولو تقريرا وصدقه الإخبار على الحكم بالثبوت مقطوع
العدم مع أنه لا حاجة إلى الإخبار الشرعي عن ثبوتها بعدما كانت من الأمور الواقعية
التي يعرفها العرف والعقلاء بل لا معنى لإخبار الشارع عنها كما لا يخفى.
ومنها قوله (وحقائقها
أما أمور اعتبارية ... الى أخره) وقد عرفت أنها ماهيات عرفية قد تعلق بها الجعل
الإمضائي من الشارع فاندرجت في الأحكام الوضعية فكيف يمكن دعوى كونها منتزعة من
الأحكام الطلبية مع تقدمها على الأحكام ووجودها عند العرف قبل الشريعة؟ فضلًا عن
أن الحكم بكونها منتزعة عنها مستلزم للدور ولكون الأمر الانتزاعي الاعتباري
موضوعاً لأمر حقيقي واقعي حسبما مرت الإشارة إليه هذا مضافاً إلى ما في الإرجاع
الذي ذكره من التكلف التعسف.
ومنها قوله (أما أمور
واقعية كشف ... إلى أخره). وفيه أنه إن أريد أنها أُمور واقعية يعرفها العرف
والعقلاء ففيه أنه حينئذ لا حاجة إلى كشف الشارع عنها بل لا معنى له حسبما عرفت،
وإن أريد أنها كانت ثابتة في الواقع وإن لم يعرفها أحد فكشف الشارع للناس عنها فهو
أول شيء نمنعه، فإن الالتزام بالكشف حينئذ ليس بأولى من الالتزام بالجعل. ومما
ذكرنا يظهر الحال في سائر الأمثلة التي ذكرها. فتحقق من ذلك أن جميع ما ذكره
المحقق المزبور في هذا المقام مختل النظام من البدو إلى الختام كما ظهر منه ضعف
سائر الأقوال المفصلة في المسألة، بل وضعف