شواعري من الاستغراب، أضعاف ما كان يحمل هو
من الارتياب، و طفقت تتعارض على خواطري أسراب الشكوك من صحة تلك الواقعة، و إنه
كيف يمكن أن يبلغ الجهل و العناد بعلماء بلاد هي في طليعة المدن العلمية
الإسلامية، و مطمح أنظار العرب بل كافة المسلمين في تمحيص الحقائق، و تمزيق جلابيب
الأكاذيب، المنبعثة على الأكثر عن الأغراض و الأهواء أو الاسترسال إلى مفتريات
السفلة و الجهالة، و ما كدت أركن إلى صدق ما نقله ذلك الشاب حتى وقع في يدي- في
تلك الآونة- كتاب الكاتب الشهير (أحمد أمين) الذي أسماه (فجر الإسلام) فسبرته حتى
بلغت منه إلى ذكر (الشيعة) فوجدته يكتب عنهم كخابط عشواء أو حاطب ليل، و لو أن
رجلا في أقاصي الصين كتب عنهم في هذا العصر تلك الكتابة لم ينفسح له العذر، و لم
ترتفع عنه الإثمة، و لكن وقفت على قدم ثابتة من صحة ما كتبه ذلك الشاب، و قلت إذا
كان مثل هذا الرجل و هو يكتب كتابا يريد نشره في الأمة الواحدة التي جعلها اللّه
إخوانا بنصّ فرقانه المجيد و استطلاع أحوالهم، و الوقوف على حقيقة أمرهم على كثب
منه و أيسر شيء عليه، و مع ذلك يسترسل ذلك الاسترسال و يتقول على تلك الطائفة تلك
الأقاويل، إذن فما حال السواد و الرعاع من عامة المسلمين و قد عرف كل ذي حس مسيس
الحاجة و قيام الضرورة الحافزة إلى شدّ عقد الوحدة، و إبرام أمراسها و أحكام
أساسها، و إنه لا حياة