اللّه إياه حقا، كما قال تعالى. «وَ يُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ» «1» فيصدق قوله أنا الحق لأن الحق أعم من الحق بذاته، و من الحق بغيره.
فإن قيل: فبهذا الوجه كل موجود حق، فما معنى التخصيص؟
قلنا: لأنه لما تجلى فى روحه نور عالم الإلهية صار كاملا حاصلا فى هذه الدرجة، فلاختصاصه بمزيد الكمال ذكر ذلك.
التأويل الخامس: أنه يحمل ذلك على حذف المضاف، و المعنى. أنا عابد الحق، و ذاكر الحق، و شاكر الحق.
السؤال الثانى: ما السبب فى أن الجارى على لسان أهل التصوف من أسماء اللّه سبحانه فى الأغلب هو الحق؟
و الجواب: قال الغزالى: لأن مقام الصوفية مقام المكاشفة، و من كان فى مقام المكاشفة رأى اللّه حقا، و رأى غيره باطلا.
أما المتكلمون: فهم فى مقام الاستدلال بغير اللّه على وجود اللّه، فلا جرم كان الغالب على ألسنتهم اسم البارى تعالى.
و أما الفقهاء: فهم فى البحث عن كيفية التكليف، فلا جرم كان الغالب على ألسنتهم اسم الشرع.
______________________________ (1) جزء من الآية 82 من سورة يونس.