نام کتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 1 صفحه : 280
تعالى فى خلق الأشياء، هو إتقان التدبير فيها، و حس التقدير
لها، إذ ليس ذلك فى كل الخليقة، ففيها ما لا يوصف بوثاقة البنية كالبقة و النملة و
غيرها، إلا أن آثار التدبير فيها- و جهات الدلالات فيها على قدرة الصانع و علمه-
ليس أقل من دلالة السماوات و الأرض، و الجبال، و البحار- على علم الصانع و قدرته،
و كذا هذا فى قوله «الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ» «1» ليس المراد منه
الحسن الرائق فى المنظر.
فإن ذلك مفقود فى القرد و الخنزير، و إنما المراد منه حسن التدبير فى
وضع كل شيء موضعه بحسب المصلحة، و هو المراد بقوله
«وَ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً»
«2».
و الثانى: أن الحكمة عبارة عن معرفة أفضل المعلومات بأفضل العلوم،
فالحكيم بمعنى العليم، قال الغزالى: و قد دللنا على أنه لا يعرف اللّه إلا اللّه،
فيلزم أن يكون الحكيم الحق هو اللّه، لأنه يعلم أصل الأشياء، و هو هو أصل العلوم و
هو علمه الأزلى الدائم الّذي لا يتصور زواله، المطابق للعلوم مطابقة لا يتطرق إليه
خفاء، و لا شبهة.
الثالث: الحكمة عبارة عن كونه مقدسا عن فعل ما لا ينبغى، قال تعالى:
«أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً» «3» و قال:
«وَ ما خَلَقْنَا السَّماءَ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما باطِلًا» «4».
قالت المعتزلة: إذا كان كل القبائح و المنكرات إيجاده و إرادته، فأين
الحكمة؟
قلنا: الباطل هو التصرف فى ملك الغير، فمن تصرف فى ملك نفسه فأى فعل
فعله كان حكمة و صوابا.
______________________________
(1) جزء من الآية 7 من سورة السجدة.
(2) جزء من الآية 2 من سورة الفرقان.
(3) جزء من الآية 115 من سورة (المؤمنون).
(4) جزء من الآية 191 من سورة آل عمران.
نام کتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 1 صفحه : 280