نام کتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 1 صفحه : 252
الْعَظِيمَ» «1»، و كتب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: من محمد
رسول اللّه إلى هرقل عظيم الروم.
فثبت بما ذكرنا أن الشيئين إذا اشتركا فى معنى و كان أحدهما زائدا
على الآخر فى ذلك المعنى زيادة كثيرة سمى الزائد عظيما، و إذا ثبت هذا ظهر أنه ليس
للمجسمة أن يتمسكوا بهذا اللفظ فى إثبات كونه تعالى جسما، إذا عرفت هذا فنقول: إنه
سبحانه أعظم من كل عظيم من وجوده، فإنه دائم الوجود أزلا و أبدا، و غيره ليس كذلك،
و إنه أعظم من كل عظيم فى علمه، و قدرته، و قهره، و سلطانه، و نفاذ حكمه، و أعظم
من كل عظيم فى أن العقول لا تصل إلى كنه صمديته، و الأبصار لا تحيط. بسرادقات
عزته.
و إذا اعتبرت عظمته من هذه الوجوه عرفت أن كل ما سواه فهو حقير
بالنسبة إليه، فالمخلوق و إن حصل عنده علوم كثيرة لكنها متناهية، فأى نسبة لها إلى
العلم المتعلق بما لا نهاية له من المعلومات، و كذا القول فى القدرة، و العزة
الأزلية و الأبدية، بل يصير كل ما سواه بالنسبة إلى كماله و عظمته كالعدم المحض، و
النفى الصرف، كما قال: «كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا
وَجْهَهُ» «2».
و كل ما فى الوجود من العرش، و الكرسى، و اللوح، و القلم، و الأنوار،
و الظلم، و السموات، و الكواكب، و الماء، و الهواء، و النار، و عالم الأرواح و ما
سيخلقه إلى قيام الساعة، و أضعاف أضعاف ذلك بالقياس إلى مقدوراته كالذرة بالقياس
إلى البحر الأعظم، بل إلى العرش العظيم، بل هذه النسبة باطلة لأن الذرة و إن كانت
حقيرة فهى جسم، و العرش و إن كان كبيرا فهو متناه، و للمتناهى إلى المتناهى نسبة
لا محالة، أما جملة هذه المخلوقات، و جملة ما سيدخل منها فى الوجود فكلها متناهية،
و مقدورات اللّه غير متناهية، و لا نسبة
______________________________
(1) الآية 87 من سورة الحجر.
(2) جزء من الآية 88 من سورة القصص.
نام کتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 1 صفحه : 252