نام کتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 1 صفحه : 207
و مثاله: أنه سبحانه و تعالى لما أراد أن يخلق الإنسان عاقلا
فاهما متحملا لأمانة اللّه تعالى، مخاطبا، مكلفا، فلا بد و أن يقدر تركيب ذاته
بقدر مخصوص و صفات مخصوصة، و يؤلف أعضاءه على وجه مخصوص مطابق للمصلحة، و الحكمة
على ما يشتمل عليه كتب التشريح، ثم إذا حصل التقدير على هذا الوجه فلا بد من مادة
عنها يتكون بدن الإنسان، و هى الأجسام، و لا بد من صورة بها يتكون بدن الإنسان، و
هى الأمزجة و القوى و التركيبات، فهو تعالى «خالق» لأنه هو الّذي قدر كل شيء فى
علمه بالمقدار النافع، المطابق للمصلحة، «و بارئ» لأنه أبدع تلك الأجسام، و أخرجها
من العدم إلى الوجود، «و مصور» لأنه تعالى هو الّذي أحدث المزاج و القوى و
التراكيب فى تلك الأجسام، فإذا عرفت وجه الكلام فى هذه الصورة الواحدة، فاعرف مثله
فى جميع الأجسام العلوية، و هى الأفلاك و الكواكب، و فى جميع الأجسام السفلية و هى
العناصر، و المعادن و النبات، و الحيوان، و خاصة الإنسان، و تأمل فى كيفية
تركيباتها، و تأليفاتها، حتى يقع فى بحر لا ساحل له، و كل ذلك كالتفسير لكونه
تعالى خالقا بارئا مصورا هذا كله إذا فسرنا الخالق بالمقدر.
أما إذا فسرناه بالموجد و المبدع فإنه يصعب تفسير البارئ: فنقول:
ذكروا فى تفسير البارئ وجوها.
الأول: أن البارئ هو الموجد و المبدع، يقال: برأ اللّه الخلق يبرؤهم،
و البرية الخلق، فعيلة بمعنى مفعولة، و أصله الهمز إلا أنهم اصطلحوا على ترك
الهمزة فيه قال أبو عبيده الهروى: العرب تترك الهمزة من خمسة أحرف: البرية و أصلها
برأت، و الروية و أصلها رأوت، فى هذا الأمر، و الخابية و أصلها خبأت و النبوة و
أصلها نبأت، و الذرية و أصلها ذرأت، فعلى هذا التقدير لا فرق بين الخالق و البارئ،
و هما لفظان مترادفان وردا فى معنى واحد.
الوجه الثانى: أن أصل البرء القطع و الفصل، قال الأخفش: يقال برئت
العود و بروته إذا قطعته و نحته، و بريت القلم بغير همز إذا قطعته و أصلحته،
نام کتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 1 صفحه : 207