نام کتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 1 صفحه : 167
الرابع: روى أبو سعيد أن عيسى عليه السلام قال: الرحمن رحمن
الدنيا، و الرحيم رحيم الآخرة. و هذا يدل على أن الرحمن أكثر مبالغة.
فإن قيل: فإذا كان الرحمن أكثر مبالغة من الرحيم، فكيف قدم على ذكر
الرحيم؟
قلنا: فيه وجوه: الأول: أن اسم الرحمن اسم انفرد به البارى تعالى،
كما أن اسم اللّه انفرد به، فذكر أولا اسم اللّه، ثم ذكر عقيبه اسم الرحمن؛ لما
حصل بينهما من هذه المجانسة.
و ثانيها: أن الرحمن و إن كان يفيد الرحمة العامة للكل إلا أن الرحيم
يفيد الرحمة الخاصة بالمؤمنين، فكان الرحمن كالأصل، و الرحيم كالزيادة فى التشريف،
و الأصل يجب تقديمه على الزيادة، كقوله: «لِلَّذِينَ
أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَ زِيادَةٌ» «1».
و ثالثها: أن نظم البسملة على هذا الترتيب أحسن، و موافقتها لآخر
آيات الفاتحة أشد.
و قال آخرون: الرحيم أشد مبالغة فى الرحمة، و احتجوا بوجوه:
الأول: أن اسم الرحمن كما يفيد معنى الرحمة فيفيد مع ذلك نوعا من
الهيبة، و القهر، و الكبرياء، و الدليل عليه قوله:
«الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَ كانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ
عَسِيراً» «2» فلو لا إشعار لفظ الرحمن بشيء من
الهيبة و القهر، و إلا لما كان ذكر الوعيد عقيبه مناسبا، فذكر فى البسملة اسم
اللّه، و هو يدل على غاية القهر، و الجبرية، و الكبرياء، ثم ذكر عقيبه الرحمن، و
هو كالمتوسط فى القهر، و اللطف، و ختم بالرحيم، و هو الدال على كمال الرحمة.
الثانى: أن ذكر الرحيم بعد ذكر الرحمن يدل على أن الرحيم أكثر
مبالغة.
______________________________
(1) جزء من الآية 26 من سورة يونس.
(2) الآية 26 من سورة الفرقان.
نام کتاب : لوامع البينات شرح أسماءالله تعالى و الصفات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 1 صفحه : 167