فإنّ
الآية الأولى تحصر الأجر الذي عيّنه الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى للرسول على رسالته
في «مودّة أهل البيت» الذين هم ذوو قربى الرسول (ص)، والآية الثانية تحصر أجر
الرسالة في «اتّخاذ السبيل إلى الله»، والقرآن كلّه كلام الله الواحد الأحد، فبعضه
يفسّر البعض الآخر ويدلّ عليه، فما يدلّ عليه مجموع الآيتين هو أنّ ذوى القربى هم
السبيل إلى الله، ومعنى وجوب مودّتهم: وجوب اتّخاذهم مَثلًا يُحتذى به، وقدوة
يُقتدى بها، وأئمّة متّبعون مطاعون، كما يجب ذلك في حقّ القرآن الكريم الذي وصفه
القرآن «السبيل إلى الله» أيضاً، قال تعالى: إِنَّ
هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا[3].
فأهل
بيت رسول الله- بمقتضى هذه الآيات- لهم منزلة كمنزلة القرآن العظيم في وجوب الطاعة
والاتّباع والاقتداء، لأنّهم السبيل إلى الله كالقرآن العظيم. هذا بالإضافة إلى
أنّ جعل مودتهم «أجراً»: يدلّ بنفسه على أنّ المقصود «وجوب مودّتهم» ليس: المودّة
القلبيّة المجرّدة عن العمل، بل المقصود: المودّة العملية التي تعني: طاعتهم
ونصرتهم