الثانية:
حكم الحاكم يتبع للشهادة، فإن كانت محقّة نفذ الحكم باطنا و ظاهرا (1)، و إلّا نفذ
ظاهرا، و بالجملة الحكم ينفذ عندنا ظاهرا لا باطنا، و لا يستبيح المشهود له ما حكم
له، إلّا مع العلم بصحّة الشهادة أو الجهل بحالها.
(1)
قد تقدّم في بحث القضاء إنّ مشروعية القضاء و نفوذه لأنهاء الخصومة و فصلها و لا
يوجب تغيّرا في الواقع، فمن حكم له بحق مالي أو بغيره إنّما يكون له الحق واقعا مع
ثبوته له في الواقع مع قطع النظر عن القضاء و ما هو مستنده من شهادة الشهود.
و
بتعبير آخر منشأ القضاء للقاضي من شهادة الشهود يعتبر طريقا إلى الواقع و القضاء
المستند إليها أو غيرها ينفذ على المتخاصمين، فلا يجوز لهما تجديد المخاصمة بعد
ذلك و لو عند قاض آخر، و على ذلك فيجوز لمن حكم له بحق مالي أو غيره أن يطالب خصمه
به فيما إذا علم كونه محقّا أو احتمله.
و
في صحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه- عليه السلام- قال: «قال رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم: إنّما أقضي بينكم بالبينات و الأيمان، و بعضكم ألحن
بحجّته من بعض، فأيّما رجل قطعت له من مال أخيه شيئا فإنّما قطعت له به قطعة من
النار»[1].
و
هذه صريحة بعدم تغيّر الواقع بمدرك القضاء بشهادة الشهود و غيرها و لا بنفس
القضاء، بلا فرق بين القضاء في الأموال أو بغيرها، و ما ذكر في ذيلها من الأمر
الراجع إلى المال تفريع على كبرى عدم تغير الواقع بالقضاء.
و
المحكي عن أبي حنيفة نفوذ القضاء واقعا و ظاهرا مطلقا، و فيه ما لا يخفى، من
استلزامه تحليل الحرام الواقعي و تجويز نكاح المحارم و نحوه، ممّا هو بديهي
البطلان.
[1] الوسائل: 18، الباب 2 من أبواب كيفية الحكم،
الحديث 1: 169.