استيعاباً، و متى كانت النظريات الطبية نظريات
بسيطة بدائية تطلبت في مجال التطبيق دراسة حال المرضى بنفس تلك البساطة و المستوى،
و لذا كان الطبيب في الأزمنة السابقة و القرون المتقدمة يكتفي في مجال التطبيق
برؤية لسان المريض أو إحصاء نبضه أو ما شاكل ذلك.
اختلاف
المجتهدين في الفتاوي
يقع
الخلاف بينهم في مرحلتين: المرحلة الأولى: في تكوين النظريات العامة، و القواعد
المشتركة للتفكير الفقهي. المرحلة الثانية: في مجال تطبيق تلك القواعد، و النظريات
العامة على صغرياتها، و مواردها الخاصة. أما المرحلة الأولى: فمنشأ الاختلاف في
هذه المرحلة انما هو الاختلاف في نتائج الأفكار التي تستعمل في تكوين تلك القواعد،
و النظريات العامة و تحديدها في الحدود المسموح بها وفقاً لشروطها العامة، فإن
نتيجة التفكير حول حجية النصوص التشريعية تختلف بطبيعة الحال سعة و ضيقاً، كماً
كيفاً، تبعاً لاختلاف شروطها العامة. و كذلك حول استفادة مداليل تلك النصوص على
أساس المناسبات العرفية الارتكازية، و مطابقة تلك المداليل للواقع الموضوعي، و
مستوى تلك القواعد و مداها دقة شمولًا. ثمّ أن ذلك الاختلاف الموجود في نتائج
الأفكار بين المجتهدين في تحديد تلك القواعد، و النظريات العامة في الأصول على
صعيد البحث النظري يرجع في نهاية المطاف إلى إحدى النقاط التالية: الأولى: الموقف
الشخصي لكل مجتهد ازاء تحديد تلك القواعد، و النظريات العامة، و تكوينها وفقاً
لشروطها، فإنه قد يؤثر في موقفه الواقعي أمام هذه القواعد و النظريات، و يغيره عن
وجهه الواقعي. الثانية: المقدرة الفكرية الذاتية، فإن لاختلاف المجتهدين في تلك
المقدرة الفكرية أثراً كبيراً لاختلافهم في تحديد تلك القواعد و النظريات العامة و
تكوينها بصيغة أكثر دقة، و عمقاً. الثالثة: المقدرة العلمية بصورة مسبقة، فإن
لاختلاف المجتهدين في تلك المقدرة العلمية أثراً بارزاً في كيفية تكوين تلك
القواعد، و النظريات العامة، تبعاً لشروطها. الرابعة: غفلة المجتهد خلال دراسة تلك
القواعد، و ممارستها عما يفرض دخله في تكوينها، أو عدم