إلى
سماحة آية الله العظمى الشيخ محمد إسحاق الفياض حفظه الله تعالى المحترم. السلام
عليكم و رحمة الله و بركاته. لقد شهد النصف الثاني من القرن العشرين تحقق أهم
الإنجازات العلمية الطبية، و من هذه الإنجازات ما تحقق بالنسبة لحياة الإنسان و
صحته بعد ظهور وسائل طبية فنية حديثة تجاوزت حدود الأعمال الطبية التقليدية في
معالجة الأمراض المزمنة و المستعصية و ساهمت في إنقاذ آلاف البشر من الموت المحقق،
و خصوصاً بعد النجاح الكبير الذي تحقق بمعرفة الكثير من الوسائل المؤدية إلى نجاح
زراعة الأعضاء و بعد اكتشاف عقار جديد يثبط جهاز المناعة لدى الجسم من منع و رفض
العضو الغريب. لكن هذا النجاح أوجد ثغرة تشريعية تحتاج إلى ملء من قبل المعنيين و
قد أحدث ذلك ضجة علمية تشريعية حول مشروعية التصرف في هذا الجسم البشري، و أوجد
حلقة من الصراع بين العلم المادي البحت النابع أصلًا من الحضارات الغربية و بين
ضوابط التشريع الإسلامي النابع أساسا من الوحي الإلهي الذي لا شك فيه و لا ريب إن
الله سبحانه هو العالم بمصالح العباد، و قد عقدت البحوث و الندوات و المؤتمرات و
أُلفت الكتب و الدراسات الكثيرة و أصدرت الفتاوى من كل مركز إسلامي في مصر و
السعودية و الكويت و الأردن و غيرها من الدول و كثير من علماء المذاهب الإسلامية
حول مشروعية زراعة الأعضاء البشرية و ما يتعلق بها، كل ذلك على الناحيتين الفقهية
و القانونية، و لكن للأسف الشديد كل الدراسات و البحوث و القوانين أغفلت التعرض
لما يحكم به المذهب الجعفري و أغفلت آراء فقهاء و علماء الشيعة الإمامية الاثني
عشرية في هذا الموضوع، و لم يكن هناك بحث تعرض لها لا من قريب و لا من بعيد، نعم
تعرض بعضهم لذكر آراء الفرقة الزيدية و ربما اعتبرهم يمثلون الطائفة الشيعية، فلم
تظهر للشيعة في هذه المسألة آراء و لا مداخلات و لا نقاشات و لا استدلالات على
مستوى الدراسات و قد كتب الفقهاء الشيعة آراءهم في بعض مسائل هذا الموضوع لكنها
تحتاج إلى زيادة تفصيل، و لكن لم تظهر أي كتب فقهية استدلالية تبحث الموضوع
بالأدلة و المناقشة و اثبات الحجة و البرهان. إنني أحد طلاب العلوم الدينية
الحوزوية و أقوم بدراسات عليا في مرحلة الماجستير في موضوع زراعة وهبة الأعضاء
لأضع لبنة من لبنات نشر فكر المذهب الجعفري و هو موضوع مقارن بين المذاهب
الإسلامية و على رأسها (المذهب الجعفري و القانون). و اطلب من سماحتكم الإجابة على
الاستفتاءات مع ذكر مدرك الحكم مهما أمكن لإيرادها في مناقشة الآراء الأخرى، و
حبذا لو ذكرتم كتبكم التي تناولت الموضوع للرجوع إليها و لطرحها في مصادر دراسة
هذا الموضوع لي و لغيري .... و وفقكم الله لخدمة هذا الدين الحنيف و رفع درجتكم مع
الأنبياء و الصديقين و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.