فالنتيجة: أن ما أفاده قدّس سرّه من أن النفس لا
تقدر على أن تجمع بين اللحاظين المستقلين في آن واحد لا يمكن المساعدة عليه، هذا
من ناحية.
و
من ناحية اخرى، إن ما ذكره قدّس سرّه من أن حقيقة الاستعمال إيجاد المعنى باللفظ و
إلقائه إلى المخاطب خارجا و أنه لا يرى إلّا المعنى، فإنه الملحوظ أولا و بالذات،
و اللفظ ملحوظ بتبعه فقد تقدم أنه غير تام، لأن كون اللفظ ملحوظا تبعا و آليا ليس
من مقومات الاستعمال، بل هو مقتضى طبع المطلب، و لا مانع من لحاظه مستقلا كالمعنى
إذا كانت هناك عناية تتطلب ذلك.
[كلام
المحقق العراقي]
الوجه
الرابع: ما أفاده المحقق العراقي قدّس سرّه من أنه لو جاز استعمال اللفظ في أكثر
من معنى واحد لزم صدور الكثير عن الواحد، و هو مستحيل.
بيان
ذلك: أن لازم هذا الاستعمال هو أن يكون لفظ واحد سببا لا نتقالين و انفهامين
مستقلين في الذهن و علة لكل منهما بنحو الاستقلال، و هذا من توارد المعلولين على
علة واحدة و هو مستحيل[1].
و
الجواب: أن القاعدة و إن كانت تامة، لأنها مقتضى مبدأ التناسب الذاتي بين العلة و
المعلول، إلّا أنها لا تنطبق على المقام، فإن موردها الواحد من تمام الجهات، سواء
أكان واحدا بالنوع أم بالشخص، و أما إذا كانت فيه جهتان متباينتان أو أكثر، فلا
مانع من تأثيره بكل جهة من جهاته في شيء، و لا يلزم من ذلك صدور الكثير عن
الواحد، بل صدور الكثير عن الكثير.
و
ما نحن فيه كذلك، فإن سببية اللفظ للإنتقال إلى المعنى و انفهامه ليست ذاتية، و
إنما هي بالجعل و المواضعة، و على هذا فإذا كان للفظ وضعان لمعنيين،