يكونوا يحكمون في المرافعات وفق علمهم
الغيبي بالواقع، إلّا أنّ هذا لعلّه كان من جهة عدم علمهم الفعلي بجميع الجزئيات
في أفعال المكلّفين، و إن كانوا قادرين على العلم بها إن شاءوا، أو من جهة أنّ
العلم الغيبي أساساً ليس حجّة قضائية و إن كان فعلياً لدى المعصوم، نظير العلم
الحاصل من العلوم و الأسباب غير العرفية الغريبة كالرمل و الجفر و التنجيم.
الوجه الثاني
: ما قد يستفاد من بعض الروايات الخاصّة من حصر طريق الإثبات القضائي
بالبيّنة و اليمين، و عمدته ما يلي:
1- صحيح هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «قال رسول
اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم:
إنّما أقضي بينكم بالبيّنات و الايمان، و بعضكم ألحن بحجّته من بعض،
فأيّما رجل قطعت له من مال أخيه شيئاً فإنّما قطعت له به قطعة من النار» ([1]).
فيقال بدلالته بمقتضى مفهوم الحصر على نفي الحجّية القضائية لعلم القاضي الشخصي.
و قد يناقش في الاستدلال المذكور بأحد وجوه:
الأوّل: النقض بالإقرار أو شهادة شاهد واحد و
يمين المدّعي؛ فإنّهما لم يذكرا في الحديث مع أنّه لا إشكال في جواز الاستناد
إليهما في القضاء، فما هو الجواب عنهما يكون بعينه الجواب عن سندية العلم.
و فيه: مضافاً إلى إمكان دعوى شمول عنوان
القضاء بالبيّنات و الايمان لهما أيضاً، أمّا الشاهد الواحد و اليمين فواضح، و
أمّا الإقرار فلأنّه نحو شهادة من قبل المتّهم على نفسه، و قد عبّر عن الإقرار
بالشهادة في بعض الروايات كرواية المدائني عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال:
«لا أقبل شهادة فاسق إلّا على نفسه» ([2])
و كذلك في رواية صالح بن ميثم عن أبيه عن الإمام عليه السلام عن الإقرار بالشهادة،
راجع
[1] الوسائل 18: 169، ب 2
من كيفيّة الحكم و أحكام الدعوى، ح 1.