نستخلص من مجموع ما تقدّم أنّ سندية و
حجّية علم القاضي الشخصي بحاجة إلى دليل، كحجّية البيّنة تماماً، و ليس أمراً
مبنيّاً على القاعدة بحيث يحتاج نفيه إلى دليل عليه، أو ردع عنه. و مسألة
الطريقيّة الذاتيّة للعلم بلحاظ متعلّقه و آثار متعلّقه لا ربط له بمحلّ كلامنا.
فيقع البحث بعد هذا فيما استدلّ به تارة: لإثبات جواز قضاء القاضي بعلمه الشخصي، و
اخرى: لإثبات عدم جوازه مطلقاً أو على تفصيل.
[أدلّة حجّية علم القاضي]
أدلّة حجّية علم القاضي الشخصي و مناقشتها:
أمّا أدلّة الحجّية فيمكن أن يكون أحد وجوه:
الوجه الأوّل: التمسّك بالإجماع
: فقد ذكر في الرياض: «و هل لغيره- أي لغير الإمام- أيضاً أن يقضي
بعلمه في حقوق الناس و حقوق اللَّه تعالى من حدوده؟ فيه قولان: أظهرهما أنّه
كسابقه، و هو أشهرهما، بل عليه عامّة متأخري أصحابنا، و في صريح الانتصار و الخلاف
و الغنية و نهج الحق و ظاهر السرائر أنّ عليه إجماع الإمامية، و هو الحجّة، مضافاً
إلى أدلّة كثيرة ذكرها الجماعة» ([1]). و ظاهره أنّ القولين ثابتان
في حقوق اللَّه و حقوق الناس معاً.
و لكن في الجواهر: «و غيره- أي غير الإمام- من القضاة يقضي بعلمه في
حقوق الناس قطعاً، و في حقوق اللَّه تعالى على قولين؛ أصحّهما القضاء، و في
الانتصار و الغنية و محكي الخلاف و نهج الحق و ظاهر السرائر الإجماع عليه، و هو
الحجّة» ([2]). و ظاهره أنّ القولين في
خصوص حقوق اللَّه.
إلّا أنّ المنسوب إلى ابن الجنيد في الانتصار القول بأنّ الحاكم لا
يحكم بعلمه في شيء من الحقوق و الحدود ([3]).