مِمَّا نَاجَى اللَّهُ مُوسَى ع يَا مُوسَى إِنِّي لَا أَقْبَلُ الصَّلَاةَ إِلَّا لِمَنْ تَوَاضَعَ لِعَظَمَتِي وَ أَلْزَمَ قَلْبَهُ خَوْفِي وَ قَطَعَ نَهَارَهُ بِذِكْرِي- وَ لَمْ يَبِتْ مُصِرّاً عَلَى الْخَطِيئَةِ- وَ عَرَفَ حَقَّ أَوْلِيَائِي وَ أَحِبَّائِي، فَقَالَ مُوسَى يَا رَبِّ تَعْنِي بِأَوْلِيَائِكَ- وَ أَحِبَّائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْحَاقَ وَ يَعْقُوبَ قَالَ هُوَ كَذَلِكَ- إِلَّا أَنِّي أَرَدْتُ بِذَلِكَ مَنْ مِنْ أَجْلِهِ خَلَقْتُ آدَمَ وَ حَوَّاءَ وَ مِنْ أَجْلِهِ خَلَقْتُ الْجَنَّةَ وَ النَّارَ، فَقَالَ وَ مَنْ هُوَ يَا رَبِّ فَقَالَ مُحَمَّدٌ أَحْمَدُ شَقَقْتُ اسْمَهُ مِنِ اسْمِي- لِأَنِّي أَنَا الْمَحْمُودُ، وَ هُوَ مُحَمَّدٌ فَقَالَ مُوسَى يَا رَبِّ اجْعَلْنِي مِنْ أُمَّتِهِ- فَقَالَ يَا مُوسَى أَنْتَ مِنْ أُمَّتِهِ.
إِذَا عَرَفْتَهُ- وَ عَرَفْتَ مَنْزِلَتَهُ وَ مَنْزِلَةَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ إِنَّ مَثَلَهُ وَ مَثَلَ أَهْلِ بَيْتِهِ فِيمَنْ خَلَقْتُ- كَمَثَلِ الْفِرْدَوْسِ فِي الْجِنَانِ لَا يَنْتَثِرُ وَرَقُهَا وَ لَا يَتَغَيَّرُ طَعْمُهَا، فَمَنْ عَرَفَهُمْ وَ عَرَفَ حَقَّهُمْ- جَعَلْتُ لَهُ عِنْدَ الْجَهْلِ عِلْماً- وَ عِنْدَ الظُّلْمَةِ نُوراً- أُجِيبَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَدْعُوَنِي وَ أُعْطِيَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَنِي.
يَا مُوسَى إِذَا رَأَيْتَ الْفَقْرَ مُقْبِلًا- فَقُلْ مَرْحَباً بِشِعَارِ الصَّالِحِينَ، وَ إِذَا رَأَيْتَ الْغِنَى مُقْبِلًا- فَقُلْ ذَنْبٌ تَعَجَّلَتْ عُقُوبَتُهُ- يَا مُوسَى إِنَّ الدُّنْيَا دَارُ عُقُوبَةٍ.
عَاقَبْتُ فِيهَا آدَمَ عِنْدَ خَطِيئَتِهِ- وَ جَعَلْتُهَا مَلْعُونَةً مَلْعُونَةً بِمَنْ فِيهَا إِلَّا مَا كَانَ فِيهَا لِي.
يَا مُوسَى إِنَّ عِبَادِيَ الصَّالِحِينَ- زَهِدُوا فِيهَا بِقَدْرِ عِلْمِهِمْ بِهَا- وَ سَائِرَهُمْ مِنْ خَلْقِي رَغِبُوا فِيهَا بِقَدْرِ جَهْلِهِمْ، وَ مَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِي عَظَّمَهَا فَقَرَّتْ عَيْنَاهُ فِيهَا، وَ لَمْ يُحَقِّرْهَا إِلَّا تَمَتَّعَ بِهَا، ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنْ قَدَرْتُمْ أَنْ لَا تَعْرِفُوهَا فَافْعَلُوا وَ مَا عَلَيْكَ إِنْ لَمْ يُثْنِ عَلَيْكَ النَّاسُ- وَ مَا عَلَيْكَ أَنْ تَكُونَ مَذْمُوماً عِنْدَ النَّاسِ- وَ كُنْتَ عِنْدَ اللَّهِ مَحْمُوداً، إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع كَانَ يَقُولُ: لَا خَيْرَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ، رَجُلٍ يَزْدَادُ كُلَّ يَوْمٍ إِحْسَاناً، وَ رَجُلٍ يَتَدَارَكُ مَنِيَّتَهُ بِالتَّوْبَةِ، وَ أَنَّى لَهُ بِالتَّوْبَةِ- وَ اللَّهِ إِنْ سَجَدَ حَتَّى يَنْقَطِعَ عُنُقُهُ- مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ إِلَّا بِوَلَايَتِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، أَلَا وَ مَنْ عَرَفَ حَقَّنَا وَ رَجَا الثَّوَابَ فِينَا- رَضِيَ بِقُوتِهِ نِصْفِ مُدٍّ كُلَّ يَوْمٍ- وَ مَا يَسْتُرُ