فلا إله إلا هو إخلاصا نشهد به فإنه قال عز و جل «سَتُكْتَبُ
شَهادَتُهُمْ وَ يُسْئَلُونَ» و قال «إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَ هُمْ
يَعْلَمُونَ» تشهد به بلجة[1] صدورنا و
عارفة قلوبنا- قد شيط به[2] لحومنا و
دماؤنا- و أشعارنا و أبشارنا و أسماعنا و أبصارنا- و أشهد أن محمدا عبده و رسوله
ص- أرسله بكتاب قد فصله و أحكمه و أعزه و حفظه بعلمه و أوضحه بنوره و أيده
بسلطانه- و أحكمه من أن يميل سهوا و يأتيه الباطل من بين يديه- و من خلفه تَنْزِيلٌ
مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ، لا تفنى عجائبه من قال به صدق و من عمل به أحيز- و من خاصم
به فلج و من قال به نصر- و من قام به هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ و من تركه من
الجبابرة قصمه الله- و من ابتغى العلم من غيره أضله الله و هو حبل الله المتين-
فيه بيان ما كان قبلكم و الحكم فيما بينكم و خبر معادكم- أنزله الله بعلمه و أشهد
الملائكة بتصديقه فقال «لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ
بِعِلْمِهِ- وَ الْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً» فجعله نورا
يهدي التي هي أقوم فقال «اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ
رَبِّكُمْ- وَ لا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ» ففي اتباع ما
جاء من الله عز و جل الفوز العظيم- و في تركه الخطأ المبين- فجعل في اتباعه كل خير
يرجى في الدنيا و الآخرة، و القرآن آمر و زاجر حد فيه الحدود- و سن فيه السنن و
ضرب فيه الأمثال- و شرع فيه الدين و غدا من سببه حجة على خلقه- أخذ عليهم ميثاقهم
و ارتهن لهم أنفسهم- لينبئ لهم ما يأتون و ما يبتغون لِيَهْلِكَ مَنْ
هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ- وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ إِنَّ اللَّهَ
لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ