وهو الخير الكثير من جميع الجهات. أما
في الدنيا فشرف الرسالة ، وهداية الخلق وزعامة المسلمين ، وكثرة الانصار ، والنصر
على الاعداء. وكثرة الذرية ـ من بضعته الصديقة الطاهرة ـ التي توجب بقاء اسمه ما
دامت لدنيا باقية. وأما في الاخرة فالشفاعة الكبرى ، والجنان العالية ، والحوض
الذي لا يشرب منه إلا هو وأولياؤه إلى ما سوى ذلك من نعم الله عليه.
« فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ:
٢ ».
شكرا له على هذه النعم ، والمراد بالنحر
: النحر بمنى ، أو نحر الاضحية في الاضحى ، أو رفع اليدين إلى النحر في تكبير
الصلاة ، أو استقبال القبلة بالنحر ، والاعتدال في القيام ، وجميع ذلك يناسب
المقام لانه نحو من الشكر لتلك النعم. وقد أنزل الله سبحانه :
« إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ :
٣ ».
فلا يبقى له اسم ولا رسم ، فكانت
العاقبة لهؤلاء الشانئين ما أخبر الله عنهم ، فلم يبق لهم اسم ولا ذكر خير في
الدنيا زيادة على جزائهم في الاخرة من العذاب الاليم ، والخزي الدائم. وهل تقاس
هذه السورة المباركة في معانيها السامية ، وبلاغتها الكاملة بتلك الجمل الساقطة
التي أجهد هذا الكاتب بها نفسه فقلد القرآن في نحوه تركيبه ، وأخذ من مسيلمة
الكذاب ألفاظها وأسلوبها ، وأتى بها كما شاء له العناد ، بل كما شاء له الجهل
الفاحش ليعارض بها عظمة القرآن في بلاغته وإعجازه؟!