أما الوجه الاول : فلان مفعول القراءة
أو القول ـ هنا ـ يجب أن يكون هي الجملة بما لها من المعنى ، فلا مناص من تقدير
كلمة أخرى ، لتكون الجملة بما لها من المتعلق مقولا للقول.
وأما الوجه الثاني : فلان الاستعانة
تستحيل أن تكون من الله تعالى ، لغناه عن الاستعانة حتى بأسمائه الكريمة ، والاستعانة
من الخلق إنما تكون بالله لا باسمائه وقد نص تعالى على ذلك بقوله : « إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
» فتعين أن يكون متعلق الجار والمجرور هو أبتدئ ، وإضافة الاسم إلى الله ليست
بيانية ، ليكون المراد من قوله : « الله الرحمن الرحيم
» ألفاظها فإنه بعيد جدا ، ويضاف إلى ذلك : أنه لو كان المراد نفس هذه الالفاظ فإن
أريد مجموعها ، فهو ليس من الاسماء الالهية ، وإن أريد كل على انفراده ، احتيج إلى
العاطف ، فتكون الجملة هكذا : « بسم
الله الرحمن الرحيم » إذا فالاضافة
معنوية لا محالة ، وكلمة الله مستعملة في معناها.
التفسير
لما كانت سور القرآن قد أنزلت لسوق
البشر إلى كماله الممكن ، وإخراجه من ظلمات الشرك والجهالة إلى نور المعرفة
والتوحيد ، ناسب أن يبدأ في كل سورة باسمه الكريم ، فإنه الكاشف عن ذاته المقدسة ،
والقرآن إنما انزل ليعرف به الله سبحانه ، واستثنيت من ذلك سورة براءة ، فإنها
بدأت بالبراءة من المشركين ولهذا الغرض انزلت ، فلا يناسبها ذكر اسم الله ولا سيما
مع توصيفه بالرحمن الرحيم [١].
[١] روى ابن عباس
قال سألت علي بن أبي طالب (ع) لم لم تكتب في براءة بسم الله الرحمن الرحيم؟ قال :
لانها أمان ، وبراءة نزلت بالسيف ليس فيها أمان ، المستدرك ج ٢ ص ٣٣.