٢ ـ وقالوا : قد صح عن المعصومين عليهمالسلام أن تعرض الروايات على الكتاب وما يكون
منها مخالفا لكتاب الله يلزم طرحه ، وضربه على الجدار ، وهو مما لم يقولوه. والخبر
الخاص المخالف لعموم الكتاب مما تشمله تلك الادلة ، فيجب طرحه وعدم تصديقه.
والجواب عن ذلك :
أن القرائن العرفية على بيان المراد من
الكتاب لا تعد في نظر العرف من المخالفة له في شيء ، والدليل الخاص قرينة لا يضاح
المعنى المقصود من الدليل العام ، والمخالفة بين الدليلين إنما تتحقق إذا عارض
أحدهما صاحبه بحيث يتوقف أهل العرف في فهم المراد منهما إذا صدر كلاهما من متكلم
واحد ، أو ممن بحكمه فخبر الواحد الخاص ليس مخالفا للعام الكتابي ، بل هو مبين
للمراد منه.
ويدل على ذلك أيضا : أنا نعلم أنه قد
صدر عن المعصومين عليهمالسلام
كثير من الاخبار المخصصة لعمومات الكتاب ، والمقيدة لمطلقاته ، فلو كان التخصيص أو
التقييد من المخالف للكتاب لما صح قولهم : ما خالف قول ربنا لم نقله ، أو هو زخرف
، أو باطل فيكون صدور ذلك عنهم عليهمالسلام
دليلا على أن التخصيص أو التقييد ليس من المخالفة في شئ.
أضف إلى ذلك : أن المعصومين عليهمالسلام قد جعلوا موافقة أحد الخبرين
المتعارضين للكتاب مرجحا له على الخبر الاخر ، ومعنى ذلك أن معارضه ـ وهو الذي لم
يوافق الكتاب ـ حجة في نفسه لو لا المعارضة ، ومن الواضح أن ذلك الخبر لو كانت
مخالفته للكتاب على نحو لا يمكن الجمع بينهما لم يكن حجة في نفسه ولم يبق مع مجال
للمعارضة والترجيح ، وإذن فلا مناص من أن يكون المراد من عدم موافقته للكتاب أنه
يمكن الجمع بينهما عرفا بالالتزام بالتخصيص أو التقييد.