« يوحنا جان » و « رابي غازو » و غيرهم من الرهبان و الراهبات التاركات للدنيا ،
و لما بلغت من العمر اثنتي عشر سنة فرغت من تعلم التوراة و الانجيل و سائر العلوم المسيحية ، و بلغت درجة القسيسين ، فعند ذلك أحببت ان اطلع على عقائد مذاهب المسيحيين المختلفة ، و بعد التفحص و المتاعب الشديدة و الضرب في البلاد ، ساعدني حظي و ساقني مقدوري الى زيارة احد القسيسين العظام ، الذى صار مطرانا ، و هو من الفرقة الكاثوليكية ، و كان ذا قدر جليل و شأن عظيم ، و اشتهر بالزهد و التقوى و العلم بين أهل ملته ، و الكاثوليكيون على اختلاف طبقاتهم من القريب و البعيد ، و الدني و الشريف ، كانوا يوجهون اليه الأسئلة الدينية يصحبها الهدايا الثمينة على مقدار مهديها ،
فتلمذت عنده و قرأت عليه أصول عقائد المذاهب المسيحية المختلفة و فروعها ، و كان يحضر في مجلس درسه غيري من التلامذة ما يقارب من اربعمائة أو خمسمائة ، و جماعات من الراهبات المعتكفات في الكنيسة ، التاركات للدنيا ، حتى يغص المجلس بأهله ،
و انتخبني القس من بين هؤلاء ، و اختارني لأن أكون من أخصائه ، و سلم إلى مفاتيح المساكن و خزائن مآكله و مشاربه ، إلا مفتاحا واحدا كان لغرفة صغيرة أو مخدع فانه لم يسلمه إلي ، فكنت أسيء الظن به ، و كنت أقول فى نفسي : لعل فى هذه الغرفة أموالا طائلة و أشياء ثمينة للقس ، و هو من عبيد الدنيا ، و زهده و تقواه مصائده و شبكاته فلم أزل ملازما لخدمته حتى بلغت السابعة عشر أو الثامنة عشر من عمري ، و في يوم من تلك الأيام اصيب القس بمرض ، فلم يحضر مجلس الدرس ، و حضر الطلاب ،
و جعلوا يتذاكرون بينهم حول كلمة : [ فارقليطا ] فى اللغة السريانية و [ پركلوطوس ] فى اللغة اليونانية و هو الذي نقل يوحنا عن عيسى عليه السلام : ظهوره و بشر به بني اسرائيل فى الانجيل الرابع فى الباب الرابع عشر و الخامس عشر و السادس عشر ،
حيث يقول عيسى عليه السلام : [ يأتي بعدي فارقليطا ] .