و فرض عليكم حج بيته الحرام ، الذي جعله قبلة للأنام ،
يردونه ورود الأنعام ، و يألهون إليه ولوه الحمام ، جعله سبحانه علامة لتواضعهم لعظمته ، و إذعانهم لعزّته ، و اختار من خلقه سمّاعا أجابوا إليه دعوته ، و صدّقوا كلمته . و وقفوا مواقف أنبيائه ، و تشبّهوا بملائكته المطيفين بعرشه ، يحرزون الأرباح في متجر عبادته ، و يتبادرون عند موعد مغفرته جعله سبحانه و تعالى للاسلام علما ، و للعائذين حرما ، فرض حجّه ، و أوجب حقّه ، و كتب عليكم وفادته ، فقال سبحانه : و للَّه على الناسِ حِجّ البيت من استطاعَ إليه سبيلا ، و من كفر فانّ اللَّه غنيٌّ عن العالمين .
اللغة
فرض : أوجب . و الحج : القصد أو الزيارة . و الحرام هنا : ما يحرم انتهاكه . و القبلة : الجهة التي يصلى نحوها . و ورود الماء : بلوغه ، و الوله : شدة الوجد و قيل : العكوف أي المكث و البقاء عند الشيء ، و الحمام : الطير ، و الاذعان : الاقرار و الاعتراف ، و السّماع : جمع سامع ، و يحرزون : يصيبون و يجمعون ، و المتجر : التجارة أو محلها . و العلم « بفتح العين و اللام » : العلامة . و العائذين : اللاجئين . و الحرم هنا ما يحمي الرجل و يدافع عنه ، و الوفادة : القدوم .
المعنى
يستفاد من « منها » ان السيد الرضي « ره » حذف من الخطبة شيئا عمدا أو قهرا و لعل المحذوف هو ذكر آل محمد العترة الطاهرة عديل القرآن و أحد الثقلين ، فكيف كان فلقد انتقل أمير المؤمنين عليه السلام الى بيان ركن من أركان الاسلام ، و كفى في عظمته ان تارك الحج لا لعذر يموت على غير دين الاسلام كما في