نام کتاب : تجلّي القرآن في نهج البلاغة نویسنده : مصباح اليزدي، محمد تقي جلد : 1 صفحه : 42
التكريم الظاهري والحقيقي للقرآن
الكريم
إنّ أكثر ما هو
موجود اليوم في المجتمعات الإسلامية من احترام للقرآن يمكن تسميته احتراماً ظاهرياً
، بينما لم ينزل القرآن الكريم كي نقابله بآداب وطقوس وتعظيم من طابع معيّن فقط ،
فالقرآن ليس للحفظ والتلاوة بلحن وصوت جميلين وحسب ، القرآن كتاب الحياة وكتاب
البلاغات ، التي كلّف الجميع بتطبيقها على صعيد حياتهم الدنيوية ؛ كي ينالوا
السعادة في الدنيا والآخرة ، وبالخصوص منهم المتصدين للحكم في الشعوب الإسلامية ،
فهم مكلّفون بأن ينظّموا السياسات العام لأنظمتهم وتنفيذها على أساس توجيهات هذا
الكتاب الإلهي ؛ لتتهيأ الأرضية بنحو أفضل لتنامي ورقي ثقافة القرآن بالنسبة لأبناء
المجتمع ، وبالنتيجة يتحقق الهدف من نزول القرآن ، وهو تكامل الإنسان وسعادته في ظل
نشر العدل والقسط على وجه الأرض .
وعلى العكس من هذا
التوقع فإنّ ما نشهده اليوم على أنّه تكريم وتعظيم للقرآن لا يتعدى ـ وللأسف ـ حدود
الاهتمام بالظواهر السطحية ، فيما جرى التغافل عن ضرورة محورية القرآن في الحياة
السياسية والاجتماعية للمسلمين ، ففي الكثير من الأمصار الإسلامية هنالك اليوم
مؤسسات تهتم بأمر تعليم وتعلّم القرآن الكريم بدءً من ، المراحل التمهيدية ،
والابتدائية ، وحتى مستوى الجامعات ، وتجتهد في مجال تعلّم التلاوة وحفظ القرآن
وقراءته بطرق مختلفة ، ونشهد كل عام إقامة مسابقات دولية لحفظ وقراءة القرآن الكريم
، وتتبوّأ مختلف العلوم القرآنية من قبيل التجويد والترتيل وغيرها موقعاً متميزاً
في أوساط محبّي القرآن ، بالإضافة إلى ذلك أنّ القرآن يتمتع باحترام خاص في أوساط
عامة المسلمين ، بحيث إنّهم لا يمسون كلماته وآياته بأيديهم دون وضوء ، ويجلسون بكل
أدب عند قراءته ، فأكثر الناس لا يمدّون أرجلهم في مقابل القرآن ، ويقومون بتجليده
بأفضل أنواع التجليدات ، ويضعونه في أحسن الأماكن ، وخلاصة القول إنّ حالات التكريم
الظاهري على هذه الشاكلة شائعة بين عامة المسلمين .
نام کتاب : تجلّي القرآن في نهج البلاغة نویسنده : مصباح اليزدي، محمد تقي جلد : 1 صفحه : 42