اقول
المحمول- و هو حقيقة الايمان و المغفرة و اعطاء الرزق الكريم- مترتب على من هاجر و
جاهد بعد الايمان او آوى المهاجرين و نصر النبى (ص) و دين الله تعالى.
و
من الواضح ان الآية سيقت بنحو القضية الخارجية و تخبر عن افراد معينين اشير اليهم
بتلك العناوين فلا اطلاق فى الآية حتى يقال ان مجرد الايمان و الهجرة و الجهاد و
الايواء و النصر صار سببا للمحمول المذكور و لا مدخلية للصلاة و الزكاة و سائر
الواجبات و ترك المحرمات الكبائر فيه بل و احتمال هذا يبطل الايراد و يرفع
الاطلاق، نعم لو كان سوق الاية بنحو القضية الحقيقية لاحتاجت الى مقيد و ان كان هو
موجودا فى الكتاب و السنة قطعا.
و
مع ذلك يبقى سئوال الفرق بين المهاجرين و الانصار بذكر الايمان و الجهاد فى حق
الاولين دون الاخرين فان احتمال شمول النصر للجهاد غير ظاهر الا ان يقال ان الاية
تذكر الفريقين بابرز صفاتهما و هو لا ينافى تحقق الايمان و الجهاد فى الاخرين، او
يقال ان فى المهاجرين مؤمنين و غير مؤمنين و فى الانصار لا يوجد غير المؤمنين كما
يشير اليه قوله تعالى: وَ الَّذِينَ تَبَوَّؤُا و
الدار و الايمان (فتأمل).
و
مثل هذه الآية قوله تعالى قبل ذلك (الانفال 72): إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ وَ الَّذِينَ آوَوْا وَ نَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ
بَعْضٍ[1]
[1] قيل المراد بالولاية ولاية الميراث و ولاية النصرة
و ولاية الا من و يمكن ان يضاف اليها ولاية الامر بالمعروف و النهى عن المنكر. و
قد نسخت ولاية الميراث بعد ذلك بقوله تعالى وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ
أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ. و على كل تلك الولاية المذكورة فى الاية لا
يبعد وجوبها على المؤمنين ابدا لقوله تعالى إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ
فِي الْأَرْضِ وَ فَسادٌ كَبِيرٌ.
نام کتاب : عدالة الصحابة على ضوء الكتاب و السنة و التاريخ نویسنده : المحسني، الشيخ محمد آصف جلد : 1 صفحه : 13