نام کتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية نویسنده : المحسني، الشيخ محمد آصف جلد : 1 صفحه : 199
الناحية الثانية: في إثبات
إرادته تعالى
لا
ريب في إثبات إرادته تعالى، فإنّ القرآن و السنّة تدلّان عليه دلالة قطعية، و قد
نقلوا اتّفاق أهل الملل و النحل عليه، بل و إطباق العقلاء أيضا، و قالوا: إنّه من
الضروريات الدينية.
و
استدلّوا عليه مضافا إلى ذلك من العقل بأن اللّه تعالى أوجد بعض الممكنات دون بعض،
و في زمان دون زمان، فلا بدّ لهذا التخصيص من مخصّص و هو الإرادة؛ إذ وجوده و
قدرته و علمه و حياته متساوية إلى وجود الأشياء و عدمها، و إلى تمام الازمان.
و
هذا الدليل تامّ حتى عند من يرى جواز الترجيح بلا مرجّح، فإنّه لا ينكر الإرادة بل
ما يدعو إلى العمل من اعتقاد نفع أو غيره؛ و لذا يصرّح بان الهارب من السبع يرجّح
أحد الطريقين المتساويين بإرادته بلا مرجّح آخر، فما ذكره المحقّق الطوسي- من عدم
جريانه على القول الأخير- غير تامّ[1]، لكن من
يفسر إرادته تعالى بنفس الإيجاد و الإحداث، فلا يرى لهذا الاستدلال صحّة، و لذا
صرح شيخنا المفيد بأن إثبات الإرادة للّه تعالى من جهة النقل دون العقل[2].
الناحية
الثالثة: جريان التعبّد في الإرادة
ذكرنا
في المباحث السابقة المعيار في جريان التعبّد الشرعي و عدمه في الأصول الاعتقادية
و فروعها، و عليه لا شكّ في جريان التعبّد في هذه المسألة، فإذا ثبت من الشرع ما
يفسّر به مفهوم إرادته تعالى، و لم يكن من العقل على خلافه محذور، يتّبع لا محالة.
الناحية
الرابعة: في بيان الأقولا في الإرادة
فعن
الحكماء كما في جملة من كتبهم: أنها العلم بالنظام الأصلح.
و
عن متكلّمي الإمامية[3] أو
جمهورهم[4] أو مشهورهم[5]
و جماعة من رؤساء المعتزلة[6]: أنّها
العلم بما في الفعل من المصلحة، و يسمونه بالداعي.
و
عن الأشاعرة و جمهور معتزلة البصرة: أنّها صفة ثالثة مغايرة للعلم و القدرة، و هي
توجب