نام کتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية نویسنده : المحسني، الشيخ محمد آصف جلد : 1 صفحه : 16
الفائدة الثانية في وضع
الكلام
لما
توفّي النبي الأعظم صلّى اللّه عليه و اله وقع الخلاف بين أصحابه في الخلافة و
الإمامة و ما تمكّنوا من حفظ توحيد الكلمة كما كانوا عليه في حياته صلّى اللّه
عليه و اله.
ثم
إن حزب أبي بكر- الخليفة الأول- و إن غلبوا في ذلك الوقت على أخذ السلطة التنفيذية
و عزل مخالفيهم عن تدبير الأمور، إلا أن النزاع لم يرتفع به بل أصح من أهم العوامل
المؤثّرة في شؤون المجتمع الإسلامي، فهو الأساس لتشعّب المسلمين إلى فرقتين:
الشيعة و غيرها، و هو البذر لحروب الجمل و الصفين و النهروان و كربلاء و غيرها، و
هو المحور للاختلاف في القوة التشريعية، فتشتت المذاهب و الآراء في الأصول و
الفروع.
و
ممّا وسع هذا لاختلاف خروج طاغية الشام على أمير المؤمنين عليه السّلام بعد قتل
عثمان، فإنه بغى و استكبر فصار من المفسدين، و من سوء الاتّفاق أنه علا أمره و
استولى على ما أراد فأتاح الأمر لمن بعده من آل أمية الذين هم شر قبائل العرب[1]،
و أنهم ابغض الأحياء أو الناس إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله[2]،
فآل الأمر إلى انعزال عترة النبي من السلطة التعليمية و الإرشادية أيضا بعد ما
افتقدوا السلطة التنفيذية و الإجرائية. و الناس على دين ملوكهم، فقام أناس-
لاصلاحية لهم- في المجامع الدينية العلمية و تصدّوا لتدريس الأصول و تطبيق الفروع،
و كلّما دخلت أمة لعنت أختها، و كأنّ القرآن ينظر اليهم حيث يقول:
و جعلناهم أئمة يدعون إلى النار[3]. و
بما أنّه لم يكن لهم ميزان علمي و لا أصل موضوعي و لا قانون كلي، تكثرت آراؤهم و
تباينت انظارهم، فاتّسعت الخوارج، و تولّدت المرجئة، و تكونت المعتزلة، و قامت
الجبرية[4]، و ظهرت
الأشعرية، و هكذا.
[1] قال ابن حجر في تطهير الجنان و اللسان/ 30: إنه
حديث حسن.
[2] و في نفس المصدر: قال الحاكم: صحيح على شرط
الشيخين.