نام کتاب : صراط الحق في المعارف الإسلامية و الأصول الإعتقادية نویسنده : المحسني، الشيخ محمد آصف جلد : 1 صفحه : 136
نقله في الشوارق، و قد تقدّم
جوابه في بحث اختياره. قال شيخنا المفيد قدّس سرّه[1]:
إنّه سبحانه قادر على ما علم انه لا يكون ممّ لا يستحيل كاجتماع الاضداد، و نحو
ذلك من المحال، و على هذا إجماع أهل التوحيد إلّا النظام و شذاذ من اصحاب المخلوق.
انتهى.
المورد
السادس: الشرور بحجّة أن الواحد لا يكون خيّرا و شريرا، فلو كان اللّه قادرا
على الشرّ- كما هو قادر على الخير- لكان خيّرا و شريرا. و القائل به المجوس.
أقول:
مع أنه لا دليل على بطلان التالي في الفاعل المختار نمنع الملازمة؛ إذ مجرّد تعلّق
القدرة على الشرّ لا يوجب كون القادر شريرا، و إنما الشرير من يفعل الشرّ لا من
يقدر عليه، و لعلّ هذا ضروري فالواجب الحكيم قادر على الخير و الشر بقدرة تامّة،
لكنه لا يريد الشرور و لا يفعلها البتة.
تنوير
عقلي
حديث
الشرور ذو إعضال شديد قد تحيّرت فيه الأنظار و الآراء، و مجمله أن الشرور متحققّة
في الكون تحقّقا محسوسا لكل أحد، فوقع البحث في استنادها و تعيين منبعها، و للناس
فيه مذاهب و مسالك:
فمنهم
من انكروا وجود الواجب الصانع بدعوى أن فاعل العالم لو كان مدبّرا حكيما لما صدر
عنه هذه الشرور، فأسندوا العالم إلى المادة، و هم الماديون.
و
منهم من أثبتوا مع اللّه خالقا آخر، فاسندوا الخيرات إلى اللّه و الشرور إلى ذلك
الآخر، و هم الثنوية، فقال المجوس منهم:[2]
إنّ فاعل الخير يزدان، أي اللّه، و فاعل الشر أهرمن، أي الشيطان. و قالت الديصانية
و المانوية منهم: إن فاعل الخير هو النور، و فاعل الشر هو الظلمة.
و
لعلّ حجّتهم في ذلك ما نقلناه عن الماديين.
و
منهم من اسندوا الشرور كلّها إلى اللّه الحكيم كاستناد الخيرات إليه فقالوا: إنّه
تعالى خالق الجميع؛ و لذا أجابوا عن شبهة المجوس بالتزام التالي، و أنّه تعالى
خالق للخيرات و الشرور كلها، و إنّما لا يطلق لفظ الشرير عليه، كما لا يطلق عليه
لفظ خالق القردة و الخنازير مع كونه خالقا لهما؛ و ذلك لأحد الأمرين: إمّا لعدم
التوقيف من الشرع و أسماء اللّه توقيفية، و إمّا لأنّه يوهم أن يكون الشر غالبا في
فعله كما يقال: فلان شرير، أي ذلك مقتضي طبعه[3].
[2] ظاهر بعضهم كصريح آخر: أن الثنوية تشمل المجوس و
المانوية و الديصانية. لكن المذكور في تبصرة العوام أن الديصانية و المانوية من
أقسام المجوس، و أن الثنوية غير المجوس فلاحظ. و أمّا تفصيل عقائدهم فلا ربط له
بالمقام.