وَ اكْسُوهُمْ وَ قُولُوا
لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً[1]. في الآية احتمالان:
أحدهما:
المراد بالسفهاءهم الأيتام أو مطلقهم، و الأموال أموالهم، و إنّما أضافها إلى
المخاطبين باعتبار ما، كقوله تعالى: خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ
جَمِيعاً، و إن شئت فقل:
إنّ
مجموع الأموال لمجموع الأفراد و المجتمع الإنساني و إن اختصّ بعضها ببعضهم حسب
الأسباب المقرّرة في الفقه. و معنى «جعل اللّه لكم قياما» جعل اللّه لكم فيها
قيمومة، و المراد أنّ سفه المالكين مانع من إيتاء مالهم لهم، بل الواجب هو إيتاء
نفقتهم و كسوتهم في مالهم.
نعم،
لا يجوز إهانتهم في الكلام، بل يقال لهم قولا معروفا. و قيل: إنّما قال:
وَ
ارْزُقُوهُمْ فِيها ف «فيها» مكان «منها» باعتبار أن يتّجر الوليّ
بمالهم و يرزقهم من ربحه لا من أصله، و الذي يدعم هذا الاحتمال أمران:
[الأمر]
الأوّل: ملاحظة ما قبل الآية من الآيات، و بعبارة أخرى: السياق.
[الأمر]
الثاني: الأمر بالرزق و الكسوة فيها؛ إذا الأمر ظاهر في الوجوب، و لا يجب على
الناس رزق السفهاء و كسوتهم إذا لم يكن من مالهم، و صرف الخطاب إلى من يجب نفقتهم
عليه خلاف الظاهر.
ثانيهما:
أنّ المراد مطلق السفهاء، و الأموال أموال المخاطبين، كما هو ظاهر قوله:
أَمْوالَكُمُ و
ظاهر قوله: جَعَلَ اللَّهُ ... أي جعلها اللّه لكم قياما و معيشة،
و عليه فليس في الاية حكم تشريعيّ مولويّ، بل مفادها هو الإرشاد إلى حفظ المال
بعدم إيتائه للسفهاء؛ فإنّ دفعها إليهم يجعلها في مظنّة التلف و الضياع، و الذي
يدلّ عليه أمور:
الأمر
الأوّل: إضافة المال إلى المخاطبين دون السفهاء، و هذا دليل قويّ.
الأمر
الثاني: الآية التالية لهذه الآية و هي قوله تعالى: وَ
ابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ
رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ ...؛ إذ بناء
على الاحتمال الأوّل يكون إحدى الآيتين مكرّرة (تقريبا) مع أنّ المناسب عليه أن
يقال: «و ابتلوهم» لا