إعلم:
أنّك إذا نظرت إلى الشّيوخ الّذين كانت لهم عناية بالأحاديث المرويّة عن رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و آله و من بعده من الأئمّة المعصومين عليهم السّلام، و
اشغلوا برهة من أعمارهم بطلبها و أخذها عمّن تقدّمهم من أساتذهم، و برهة أخرى منها
بروايتها لتلامذتهم الّذين لم يدركوا هؤلآء الأساتذة و رتبتهم على وجه يتميّز
الشّيوخ في كلّ عصر عن التلامذة، وجدت طبقاتهم من عصر الصّحابة الّذين رووا الحديث
عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى عصر الشّيخ الموفق أبي جعفر الطوسي قدّس
سرّه الّذي هو آخر مصنفي الجوامع الأربعة من أصحابنا. و قد ولد سنة 385 و توفي سنة
460 ه فيما إذا كان جميعهم قد عمّر عمرا متعارفا، و تحمل الحديث في سن يتعارف
تحمله فيه اثنتى عشرة طبقة.
و
بعبارة أخرى: إذا روي الشّيخ قدّس سرّه أو الخطيب البغدادي المتوفي سنة 463 ه من
الجمهور حديثا مسندا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و فرضنا أنّ الرّواة
المتوسّطين بينهما و بينه صلّى اللّه عليه و آله كلّهم قد عمّروا العمر المتعارف،
و أخذوا الحديث في السن المتعارف أخذه فيه، كان سندها مشتملا على اثنى عشر رجلا
غالبا، أو دائما و أمّا إذا كان بعضهم طال عمره، بحيث عاصر رجلين ممّن عمّر
متعارفا، أو تحمل الحديث قبل أوانه المتعارف، فأخذ عن طبقتين أو انضمّ الأمران،
صار رجال السند أقلّ، و كان عاليا في اصطلاحهم، و كلّما كان أمثال هؤلآء في السند
أكثر كانت الوسائط أقلّ و السّند أعلى، كمّا أنّه إذا كان في السند من روي عن
معاصره و من هو في طبقته كان رجال السند أكثر ممّا ذكر