responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كنز الدعاء نویسنده : محمدی ری‌شهری، محمد    جلد : 1  صفحه : 243

طاعَتِكَ ما عَصاكَ عاصٍ، ولَولا أنَّهُ صَوَّرَ لَهُمُ الباطِلَ فِي مِثالِ الحَقِّ ما ضَلَّ عَن طَريقِكَ ضالٌّ.

فَسُبحانَكَ! ما أبيَنَ كَرَمَكَ في مُعامَلَةِ مَن أطاعَكَ أو عَصاكَ، تَشكُرُ لِلمُطيعِ ما أنتَ تَوَلَّيتَهُ لَهُ، وتُملي لِلعاصي فيما تَمِلكُ مُعاجَلَتَهُ فيهِ، أعطَيتَ كُلّاً مِنهُما ما لَم يَجِب لَهُ، وتَفَضَّلتَ عَلى‌ كُلٍّ مِنهُما بِما يَقصُرُ عَمَلُهُ عَنهُ.

ولَو كافَأتَ المُطيعَ عَلى‌ ما أنتَ تَوَلَّيتَهُ لَأَوشَكَ أن يَفقِدَ ثَوابَكَ، وأَن تَزولَ عَنهُ نِعمَتُكَ، ولكِنَّكَ بِكَرَمِكَ جازَيتَهُ عَلَى المُدَّةِ القَصيرَةِ الفانِيَةِ بِالمُدَّةِ الطَّويلَةِ الخالِدَةِ، وعَلَى الغايَةِ القَريبَةِ الزّائِلَةِ بِالغايَةِ المَديدَةِ الباقِيَةِ، ثُمَّ لَم تَسُمهُ القِصاصَ‌[1] فيما أكَلَ مِن رِزقِكَ الَّذي يَقوى‌ بِهِ عَلى‌ طاعَتِكَ، ولَم تَحمِلهُ عَلَى المُناقَشاتِ فِي الآلاتِ الَّتي تَسَبَّبَ بِاستِعمالِها إلى‌ مَغفِرَتِكَ، ولَو فَعَلتَ ذلِكَ بِهِ لَذَهَبَ بِجَميعِ ما كَدَحَ لَهُ، وجُملَةِ ما سَعى‌ فيهِ، جَزاءً لِلصُّغرى‌ مِن أياديكَ ومِنَنِكَ، ولَبَقِيَ رَهيناً بَينَ يَدَيكَ بِسائِرِ نِعَمِكَ، فَمَتى‌ كانَ يَستَحِقُّ شَيئاً مِن ثَوابِكَ؟! لا! مَتى‌؟!

هذا يا إلهي حالُ مَن أطاعَكَ، وسَبيلُ مَن تَعَبَّدَ لَكَ، فَأَمَّا العاصي أمرَكَ وَالمُواقِعُ نَهيَكَ، فَلَم تُعاجِلهُ بِنَقِمَتِكَ، لِكَي يَستَبدِلَ بِحالِهِ في مَعصِيَتِكَ حالَ الإِنابَةِ إلى‌ طاعَتِكَ، ولَقَد كانَ يَستَحِقُّ في أوَّلِ ما هَمَّ بِعِصيانِكَ كُلَّ ما أعدَدتَ لِجَميعِ خَلقِكَ مِن عُقوبَتِكَ، فَجَميعُ ما أخَّرتَ عَنهُ مِنَ العَذابِ، وأَبطَأتَ بِهِ عَلَيهِ مِن سَطَواتِ النَّقِمَةِ وَالعِقابِ، تَركٌ مِن حَقِّكَ، ورِضىً بِدونِ واجِبِكَ.

فَمَن أكرَمُ يا إلهي مِنكَ؟! ومَن أشقى‌ مِمَّن هَلَكَ عَلَيكَ؟ لا! مَن؟ فَتَبارَكتَ أن توصَفَ إلّا بِالإِحسانِ، وكَرُمتَ أن يُخافَ مِنكَ إلَّاالعَدلُ، لا يُخشى‌ جَورُكَ عَلى‌ مَن عَصاكَ، ولا


[1]. أي لم تُرِدهُ منه. قال في الأساس: ومن المجاز: سُمتُ المرأةَ المعانَقَةَ: أردتُها منها وعرضتها عليها( رياض السالكين: ج 5 ص 256).

نام کتاب : كنز الدعاء نویسنده : محمدی ری‌شهری، محمد    جلد : 1  صفحه : 243
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست