شاكٌّ، ولا بِنَكالِكَ[1] جاهِلٌ، ولا لِعُقوبَتِكَ مُتَعَرِّضٌ، ولكِن سَوَّلَت لي نَفسي، وأَعانَني عَلى ذلِكَ سَترُكَ المُرخى بِهِ عَلَيَّ، فَأَنَا الآنَ مِن عَذابِكَ مَن يَستَنقِذُني؟ وبِحَبلِ مَن أعتَصِمُ إن قَطَعتَ حَبلَكَ عَنّي؟ فَوا سَوأَتاه غَداً مِنَ الوُقوفِ بَينَ يَدَيكَ إذا قيلَ لِلمُخِفّينَ: جوزوا، ولِلمُثقِلينَ: حُطّوا، أمَعَ المُخِفّينَ أجوزُ، أم مَعَ المُثقِلينَ أحُطُّ؟! وَيلي كُلَّما طالَ عُمُري كَثُرَت خَطايايَ ولَم أتُب، أما آنَ لي أن أستَحِيَ مِن رَبّي؟!».
ثُمَّ بَكى، ثُمَّ أنشَأَ يَقولُ:
«أتُحرِقُني بِالنّارِ يا غايَةَ المُنى
فَأَينَ رَجائي ثُمَّ أينَ مَحَبَّتي
أتَيتُ بِأَعمالٍ قِباحٍ رَدِيَّةٍ
وما فِي الوَرى خَلقٌ جَنى كِجِنايَتي»
ثُمَّ بَكى وقالَ: «سُبحانَكَ! تُعصى كَأَ نَّكَ لا تَرى، وتَحلُمُ كَأَنَّكَ لَم تُعصَ، تَتَوَدَّدُ إلى خَلقِكَ بِحُسنِ الصَّنيعِ كَأَنَّ بِكَ الحاجَةَ إلَيهِم، وأَنتَ يا سَيِّدِي الغَنِيُّ عَنهُم». ثُمَّ خَرَّ إلَى الأَرضِ ساجِداً.[2]
ى- المُناجاةُ المَأثورَةُ عَنِ الإِمامِ زَينِ العابِدينَ عليه السلام المَعروفَةُ بِمُناجاةِ الخائِفينَ
282. الإمام زين العابدين عليه السلام:
بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، إلهي! أتَراكَ بَعدَ الإِيمانِ بِكَ تُعَذِّبُني؟ أم بَعدَ حُبّي إيّاكَ تُبَعِّدُني؟ أم مَعَ رَجائي لِرَحمَتِكَ وصَفحِكَ تَحرِمُني؟ أم مَعَ استِجارَتي بِعَفوِكَ تُسلِمُني؟
حاشا لِوَجهِكَ الكَريمِ أن تُخَيِّبَني، لَيتَ شِعري، ألِلشَّقاءِ وَلَدَتني امّي أم لِلعَناءِ رَبَّتني؟! فَلَيتَها لَم تَلِدني ولَم تُرَبِّني، ولَيتَني عَلِمتُ أمِن أهلِ السَّعادَةِ جَعَلتَني؟ وبِقُربِكَ وجِوارِكَ خَصَصتَني؟ فَتَقِرَّ بِذلِكَ عَينى، وتَطمَئِنَّ لَهُ نَفسي.
إلهي! هَل تُسَوِّدُ وُجوهاً خَرَّت ساجِدَةً لِعَظَمَتِكَ؟ أو تُخرِسُ ألسِنَةً نَطَقَت بِالثَّناءِ عَلى
[1]. النكالُ: العقوبة( النهاية: ج 5 ص 117« نطل»).
[2]. المناقب لابن شهرآشوب: ج 4 ص 151، بحار الأنوار: ج 46 ص 81 ح 75 وج 87 ص 200 ح 8.