إلهي! إنَّ ذُنوبي وكَثرَتَها قَد غَبَّرَت وَجهي عِندَكَ، وحَجَبَتني عَنِ استيهالِ رَحمَتِكَ، وباعَدَتني عَنِ استِنجازِ مَغفِرَتِكَ، ولَولا تَعَلُّقي بِآلائِكَ، وتَمَسُّكي بِالرَّجاءِ، لِما وَعَدتَ أمثالي مِنَ المُسرِفينَ، وأَشباهي مِنَ الخاطِئينَ، بِقَولِكَ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ[1]، وحَذَّرتَ القانِطينَ مِن رَحمَتِكَ، فَقُلتَ: وَ مَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ[2]، ثُمَّ نَدَبتَنا بِرَحمَتِكَ إلى دُعائِكَ، فَقُلتَ: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ[3].
إلهي! لَقَد كانَ ذُلُّ الإِياسِ عَلَيَّ مُشتَمِلًا، وَالقُنوطِ مِن رَحمَتِكَ بي مُلتَحِفاً. إلهي! قَد وَعَدتَ المُحسِنَ ظَنَّهُ بِكَ ثَواباً، وأَوعَدتَ المُسيءَ ظَنَّهُ بِكَ عِقاباً، اللَّهُمَّ وقد أسبَلَ دَمعي حُسنُ ظَنّي بِكَ في عِتقِ رَقَبَتي مِنَ النّارِ، وتَغَمُّدِ زَلَلي، وإقالَةِ عَثرَتي، وقُلتَ وقَولُكَ الحَقُّ لا خُلفَ لَهُ ولا تَبديلَ: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ[4]، ذلِكَ يَومُ النُّشورِ إذا نُفِخَ فِي الصّورِ، وبُعثِرَ ما فِي القُبورِ.
اللَّهُمَّ إنّي اقِرُّ وأَشهَدُ وأَعتَرِفُ ولا أجحَدُ، واسِرُّ واظهِرُ، واعلِنُ وابطِنُ، بِأَنَّك أنتَ اللَّهُ لا إلهَ إلّاأنتَ وَحدَكَ لا شَريكَ لَكَ، وأَنَّ مُحَمَّداً عَبدُكَ ورَسولُكَ، وأَنَّ عَلِيّاً أميرُ المُؤمِنينَ، وسَيِّدُ الوَصِيّينَ، ووارِثُ عِلمِ النَّبِيّينَ، وقاتِلُ المُشرِكينَ وإمامُ المُتَّقينَ، ومُبيرُ المُنافِقينَ، ومُجاهِدُ النّاكِثينَ وَالقاسِطينَ وَالمارقينَ، إمامي ومَحَجَّتي، ومَن لا أثِقُ بِالأَعمالِ وإن زَكَت، ولا أراها مُنجِيَةً لي وإن صَلَحَت، إلّابِوِلايَتِهِ، وَالائِتِمامِ بِهِ، وَالإِقرارِ بِفَضائِلِهِ، وَالقَبولِ مِن حَمَلَتِها، وَالتَّسليمِ لِرُواتِها.
[1]. الزمر: 53.
[2]. الحجر: 56.
[3]. غافر: 60.
[4]. الإسراء: 71.