ثمّ اهتمّت خديجة بالعمل على الاقتران به (ص) كما سنرى.
هكذا يقولون؛ ولكنّا نشكّ في بعض ما تقدم، لا سيّما و أنّ ورقة لم يُسلم حتّى بعد أن بعث رسول الله (ص). كما أنّ قولهم: إنّ خديجة قد استأجرته في تجارتها لا يمكن المساعدة عليه؛ و ذلك لأنّنا نجد المؤرّخ الأقدم، الثَّبَت، ابن واضح المعروف باليعقوبي يقول: «و إنّه ما كان ممّا يقول الناس: إنّها استأجرته بشيءٍ، و لا كان أجيراً لأحدٍ قطّ».[1] و لعلّ في عزّة نفس النّبيّ (ص) و إبائها، و أيضاً في تسديد الله تعالى له، و أيضا في شرف أبي طالب و سؤدده ما يبعد كثيراً أن يكون قد صدر شيءٌ ممّا نسب إلى أبي طالبٍ منه.
و على هذا، فقد يكون سفره (ص) إلى الشّام، لا لكونه كان أجيراً لخديجة، بل لأنّه كان يضارب بأموالها أو شريكاً لها و يدلّ على ذلك تصريح رواية الجنابذي بالمضاربة،[2] فراجع. و يؤيّده ما رواه المجلسي من أنّ أباطالب قد ذكر له (ص) اتّجار الناس بأموال خديجة و حثّه على أن يبادر إلى ذلك، ففعل و سافر إلى الشّام.[3]
زواجه بخديجة
و لقد كانت خديجة (ع) من خيرة نساء قريش شرفاً و أكثرهنّ مالًا و أحسنهنّ جمالًا و كانت تدعى في الجاهليّة ب- «الطّاهرة»[4] و يقال لها: «سيّدة قريش» و كلّ
[1] 1. تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 21 و نقل عن سفر السعادة، أنّه( ص) بعد البعثة و قبل الهجرة كان يشتري أكثر مما يبيع، و بعد الهجرة لم يبع إلّا ثلاث مرّات، أمّا شراؤه فكثيرٌ .... و أما شراكته مع غيره ففيها كثير من الإضطراب و ليس لنا مجال لتحقيق ذلك
[2] 2. البحار، ج 16، ص 9 و كشف الغمة، ج 2، ص 134 عن معالم العترة للجنابذي
[3] 3. البحار، ج 16، ص 22 عن البكري و ص 3 عن الخرائج و الجرائح، ص 186 و 187
[4] 4. راجع: الإصابة، ج 4، ص 282 281 و البداية و النهاية، ج 2، ص 294 و تاريخ الإسلام للذّهبي، ج 2، الترجمة النبوية، ص 152 و قسم السيرة النبوية، ص 237 و تهذيب الأسماء، ج 2، ص 342.