بقيت و لسوف تبقى القضيّة الأكثر حسّاسيّة و أهمّيّة، لأنّها الأكثر صلة بالإيمان و بالإنسان، و الأعمق تأثيراً في حياة هذا الكائن، و أكثر ارتباطاً بمستقبل هذا الإنسان و بمصيره، إن في الدنيا، و إن في الآخرة.
و هذا بالذّات هو السّر في احتفاظ هذه القضيّة بكلّ حيويّتها و حسّاسيّتها بالنّسبة إليه على مرّ الدّهور و تعاقب العصور.
و ما ذلك إلّا لأنّ القضيّة لا تقتصر على أن تكون مجرّد قضيّة خلافة و حكم و سلطة في الحياة الدّنيا، و لا هي قضيّة: أن يحكم هذا، أو يحكم ذاك لسنوات معدودة و ينته الأمر ... بل الأمر أهمّ و أخطر، و أدهى و أعظم من ذلك، كما أنّه ليس حدثاً عابراً فرضته بعض الظّروف، لا يلبث أن ينته و يتلاشي تبعاً لتلاشي و انتهاء الظّروف الّتي فرضته أو أوجدته، و ليصبح في جملة ما يحتضنه التّاريخ من الأحداث لا يختلف عنها في شىءٍ، و لا أثر له في الحياة الحاضرة إلّا بمقدار ما يبعثه من زَهْوٍ و اعتزازٍ، على مستوي المشاعر و الانفعالات، لا أكثر.
بل أمر الإمامة يمسّفي الصّميم حقيقة هذا الإنسان و مصيره و مستقبله، و دنياه و آخرته، و يؤثّر في مختلف جهات وجوده و حياته، فيكون ضرورةً للبشريّة و ليس فوقه ضرورة على الإطلاق، فعدم تبليغ الإمامة يجعل الدّين و الرّسالة بلا مضمون و بلا فائدة و يكون وجوده كعدمه تماماً، كما صرّحت به الآية الكريمة: «وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ».