ذكر بعضهم: أنّ بعث مؤته كان أوّل بعث يرسله النّبيّ (ص) إلى خارج الجزيرة العربيّة و داخل الأراضي الشّاميّة، التّابعة للرّوم.[1]
و المعروف بين أهل المغازي أنّ سريّة مؤتة كانت سنة ثمان، و قد اختلف المؤرّخون في الدّوافع إلى هذه السّريّة، فقال بعضهم: إنّ الدّافع إليها هو الانتقام للحارث بن عمير الأزدي، و كان قد وجّهه النّبيّ (ص) بكتاب إلى ملك بصري، فلمّا نزل مؤته تعرّض له شُرحبيل بن عمروالغسّاني و هو من أمراء قيصر على الشّام، و قال له: أين تريد؟ فقال: الشّام. قال: لعلّك من رسل محمّد؟ قال: نعم، فأوثَق رباطاً، ثمّ قدّمه، فضرب عنقه صبراً.
فبلغ رسول الله (ص) الخبر، فاشتدّ عليه و أرسل هذا الجيش المؤلّف من ثلاثة آلافٍ للاقتصاص من ذلك الوالي.[2]
[1] 1. الكتاب السّابع من معارك الإسلام الفاصلة: غزوة مؤتة، ص 5. و لكن قد روي المؤرّخون أنّ سريّة أخرى كانت قد قصدت ذات أطلاح و هي من أرض الشّام، و هي في البلقاء من الأردن و هذه المناطق كانت تحت سيطرة الرّوم؛ كما أنّ غزوة دومة الجندل قد حصلت قبل سريّة مؤته بزمان و تقع دومة الجندل على خمس ليالٍ من دمشق، و على خمس عشرة ليلة من المدينة أوستّ عشرة، فهي من أعمال الشّام( راجع: وفاء الوفاء، ج 4، ص 12 و 13 و الطبقات الكبرى، ج 2، ص 63) فلا يصحّ قوله: إنّ غزوة مؤتة هي أوّل بعث يرسله( ص) إلى خارج جزيرة العربيّة و داخل الأراضي الشاميّة التابعة للرّوم
[2]. راجع: المغازي للواقدي، ج 2، ص 755 و 756، و الطبقات الكبرى، ج 2، ص 128 و السيرة الحلبيّة، ج 3، ص 66، و تاريخ الخميس، ج 2، ص 70، و البحار، ج 21، ص 58 و 59