و قرأ عليه جعفر بعض سورة الكهف، فبكى النّجاشي حتّى اخضلّت لحيته و كذلك أساقفته. ثمّ قال: إنّ هذا والّذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة؛ انطلقا. فو الله لا أسلّمهم إليكما، و لا يكادون.
ثمّ غدا عمرو في اليوم التّالي ليخبر النّجاشي بأنّ المسلمين يقولون: إنّ عيسى بن مريم عبدٌ؛ فأرسل إليهم، فسئلهم، فقال له جعفر: نقول فيه الّذي جاء به نبيّنا (ص) هو عبدالله و رسوله، و روحه، و كلمته الّتي ألقاها إلى مريم العذراء البتول. فتناول النّجاشي عوداً و قال: والله، ماعدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود.
فتناخرت بطارقته،[1] فقال: و إن نخرتم، اذهبوا فأنتم شيوم[2]، مَن سبّكم غَرِم قالها ثلاثاً ما احبّ أنّ لي دَبراً[3] من ذهب و أنّي آذيت رجلًا منكم، ثمّ ردّ هدايا قريش.[4]
قريش و خططها المستقبليّة
حقّاً لقد كانت هجرة المسلمين إلى الحبشة ضربةً قاسيةً لقريش، أفقدَتها
[1] 1. تناخرت بطارقته: تكلّمت و كأنّه كلام مع غضب و فتور. و نخر الأنسان و الحمار و الفرس: مدّ الصوت و النّفس في خياشيمه