لقد استمرّت قريش في تعذيب من يدخل دين الإسلام ممّن لم يكن لهم عشيرة تمنعهم. و كان الاستمرار في هذا الوضع غير ممكن.
و من جهة ثانية، فإنّ استمرار هذا الوضع الّذي يواجهه المسلمون، الملىء بالآلام و المشاقّ، لسوف يقلّل من إقبال النّاس على الدّخول في الإسلام، مادام أنّ هذا الدّخول لا حصاد له سوى الرّعب و التّعذيب و المصائب.
و من جهة ثالثة، فقد كان لابدّ من تسديد ضربة لكبرياء قريش و جبروتها ولو نفسيّاً لتدرك أنّ قضيّة الدّين تتجاوز حدود تصوّراتها و قدراتها، و أنّ عليها أن تفكّر بموضوعيّة و عقلانيّة أكثر؛ فكان أن اختار رسول الله (ص) للمسلمين الهجرة إلى الحبشة.
سرّ اختيار الحبشة
و أمّا عن سرّ اختيار رسول الله (ص) الحبشة مهاجراً للمسلمين، فقد أشار إليه بقوله: «إنّ بها مَلِكاً لا يُظلم عنده أحدٌ و هي أرض صدق» و «إنّه يحسن. الجوار».
و قد كان من الواضح أنّه.
1. كان لابدّ لقريش من أن تبذل محاولاتها لاسترجاع المسلمين، لتبقى هي المهيمنة و صاحبة الاختيار الأوّل و الأخير في مصير هذا الدّين، الّذي تراه يتهدّد كبرياءها و شركها و إنحرافها.