إذن فما هو وجه المناسبة بتعقيب ذلك بجملة: «و يتوب اللّه على من تاب».
و إن شئت ان تستزيد مما في هذه الرواية من التدافع و الاضطراب، فاستمع إلى ما رواه الحاكم في المستدرك: ان أبا موسى الأشعري قال: كنا نقرأ سورة نشبهها بالطول و الشدّة ببراءة، فأنسيتها، غير اني حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال، لابتغى ثالثا. و لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب.
و ذكر في الدر المنثور انه أخرجه جماعة عن أبي موسى. و أضف إلى ذلك في التدافع و التناقض: ما اسنده في الاتقان، عن أبي موسى أيضا، قال: نزلت سورة نحو براءة، ثمّ رفعت، و حفظ منها: ان اللّه سيؤيد هذا الدين بأقوام لاخلاق لهم، و لو ان لابن آدم واديين لتمنى إلى آخره. و اسند الترمذي عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه (ص): لو كان لابن آدم واد من ذهب لأحبّ أن يكون له ثان، و لا يملأ فاه إلا التراب، و يتوب اللّه على من تاب.
و ها انت ترى روايات عائشة، و جابر، و أنس، و ابن عباس، تجعل حديث الوادي و الواديين من قول رسول اللّه و تمثله. فهي بسوقها تنفي كونه من القرآن الكريم. و مع ذلك فقد نسبت إلى كلام الرسول (ص) ما يأتي فيه بعض من الاعتراضات المتقدمة مما يجب ان ينزّه عنه، ودع عنك الاضطراب الذي يدع الرواية مهزلة.
آية الرجم:
و قال رحمه اللّه بالنسبة لآية الرجم: الشيخ و الشيخة؛ فارجموهما البته إلخ:
ما وجه دخول الفاء في قوله: «فارجموهما»، و ليس هناك ما يصحح دخولها من شرط، أو نحوه، لا ظاهر، و لا على وجه يصح تقديره، و إنما دخلت الفاء على الخبر، في قوله تعالى في سورة النور: «الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي فَاجْلِدُوا»؛ لأن كلمة:
اجلدوا بمنزلة الجزاء لصفة الزنا في المبتدأ. و الزنا بمنزلة الشرط. و ليس الرجم