كما لا معنى للمماثلة في صورة الانساء أيضا، لأن الإنساء حينئذ يكون عبثا، و بلا مبرر ظاهر ..
و نستخلص من كل ما تقدم: أنه لا يصلح أن يراد من لفظ «آية» في هذا المورد الفقرة القرآنية المعهودة.
بل المراد بها هو الآية الخارقة للعادة، التي يرسلها اللّه تخويفا لعباده و انذارا، أو تثبيتا لهم، و ذلك ظاهر لا يخفى.
صحف إبراهيم و موسى:
هذا .. و قد ذكروا: أن نسخ التلاوة و الحكم قد وقع بلا ريب، و ذلك بالنسبة لصحف ابراهيم و موسى، و سائر زبر الأولين؛ فانها كانت نازلة، تقرأ و يعمل بها، ثم لم يبق شيئ منها في ايدينا، تلاوة و لا عملا به؛ فلا طريق لذلك سوى القول بانتساخ التلاوة و الحكم فيما يحتمل ذلك[1] و الوقوع أدل دليل على الإمكان و اقومه.
و لكننا نقول: إن هذا كلام لا يصح؛
أولا: لانه لم يثبت انتساخ تلاوة صحف ابراهيم و لا غيرها، غاية الأمر، أنها غير موجودة في ايدينا بعينها، و لو وجدت فلما ذا لا تتلى؟! و أما بالنسبة لنسخ بعض احكامها، فانه لا يلزم منه نسخ تلاوتها. كما هو ظاهر ..
و ثانيا: من الذي قال: إنه قد ثبت لتلك الصحف، و غيرها، عين ما ثبت للقرآن الكريم من احكام، كعدم جواز مسّ الجنب لها، أو وجوب قراءتها في الصلاة و نحو ذلك؟!.
فان ذلك لا دليل عليه .. و اذن .. فنسخ تلاوتها، أو عدمه يبقى بلا أثر.