هذا الخبر يدل على عدم وجود اختلاف في النص القرآني أصلا، فضلا عن أن يكون هذا الاختلاف قد جاء من قبل اللّه سبحانه، أو من قبل رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، على شكل قراءات متعددة ..
و انما الرواة للقرآن هم الذين يختلفون، و ذلك بسبب نسيانهم، أو اشتباههم في النسخ و الكتابة، أو بسبب إرادتهم التفسير و البيان، أو لغير ذلك من أمور، أشير إلى طائفة منها في هذا البحث.
و قد التزم الشيعة بهذا الأمر، و لم يقبلوا مقولة نزول القرآن بأكثر من حرف واحد، قال الشيخ الطوسي:
«العرف من مذهب أصحابنا، و الشائع في أخبارهم و رواياتهم: أن القرآن نزل بحرف واحد على نبي واحد» .. ثم ذكر جواز القراءة بما يتداوله القراء، قال: «و لم يبلغوا بذلك حد التحريم و الحظر»[1].
و واضح: أن مقصودهم ليس هو جواز تبديل أقبل بهلم، و تعال، و نحو ذلك، .. و انما هو جواز القراءة بما كان من قبيل الادغام، و الروم، و الاشمام، و القلب، و الامالة، و نحوه و تبديل السين بالصاد في الصراط، و مالك و ملك، و نحو ذلك .. لا بما هو أزيد من ذلك مما يوجب تغييرا في المعنى، حتى و لو بمثل التصرف في الحركات الاعرابية .. و ان كنا نقول: ان النص القرآني الواقعي، هو اما سين، أو صاد، مالك، أو ملك؛ فاذا ثبت أنه احدهما لم يجز الآخر، إلا إذا قطعنا بالرخصة من قبل المعصوم: النبيّ (ص)، أو الامام (ع).
كما أننا قد عرفنا: أن الابياري قد اعتبر القراءات: اجتهادا من القراء، و لكنه كان إسرافا في ذلك الاجتهاد، على حد تعبيره، و ان رسم القرآن، و اهماله، نقطا و شكلا جرّا إلى شيىء منها[2].