و في زمن تولي الوليد بن عقبة على الكوفة، قال يزيد النخعي: إني لفي مسجد الكوفة؛ إذ هتف هاتف: من كان يقرأ على قراءة أبي موسى: فليأت الزاوية التي عند باب كندة، و من كان يقرأ على قراءة ابن مسعود، فليأت الزاوية، التي عند دار عبد اللّه.
و اختلفا في آية من سورة البقرة، قرأ هذا: و اتموا الحج و العمرة للبيت، و قرأ هذا: و اتموا الحج و العمرة للّه؛ فغضب حذيفة، و كان حاضرا، ثم جرى بينه و بين ابن مسعود كلام في ذلك .. ثم طلب بعد ذلك من عثمان أن يتصدى لحل المشكل[2].
جمع عثمان الناس على قراءة واحدة:
و مهما يكن من أمر، فان المصادر الكثيرة[3] قد صرحت: بأن الاختلاف قد نما و ازداد، حتى افزع ذلك حذيفة، و طلب من عثمان: ان يتصدى لهذا الأمر، ففعل.
فلم يكن غضب حذيفة و فزعه، و استجابة عثمان لطلبه .. إلا بسبب أنه يرى في ذلك مخالفة لما جاء به النبيّ (ص)، و أصبح يشكل خطرا جديا على القرآن، معجزة الاسلام الخالدة.
[1] راجع: تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 170 و تفسير الميزان ج 12 ص 122.
[2] راجع: التمهيد ج 1 ص 278 عن المصاحف ص 11- 14 و راجع: فتح الباري ج 9 ص 15.
[3] مصادر ذلك كثيرة؛ فراجع على سبيل المثال: صحيح البخاري ج 3 ص 145 و جامع البيان ج 1 ص 21 و 22 و 23 و الاتقان ج 1 ص 59 عن البخاري. و فتح الباري ج 9 ص 15 و 16 و كنز العمال ج 2 ص 368 عن البخاري، و الترمذي، و ابن سعد، و النسائي، و ابن ابي داود و ابن الانباري معا في المصاحف، و ابن حبان، و النشر ج 1 ص 7، و عن الكامل في التاريخ ج 3 ص 55 و عن المصاحف ص 19- 20.