قد أهمل الإشارة إليهم أيضا، و تمحض الحديث عن خصوص حالة الرياء، و صدورها منهم عن اختيار، بصورة تجددية و مستمرة، مما يعني أن الرياء قد محق الفعل الذي تلبس به، و أفقده قيمته. فما يبقى لهذا العامل هو رياؤه الذي هو دليل أنانيته، و حبه للدنيا، و عدم انقياده للّه في أوامره و زواجره، حتى لم يعد يهمه رضاه، بل يهمه رضا الناس.
و بذلك يكون هذا الإنسان قد انقطع عن الآخرة هو و عمله، الذي فقد الامتداد و أصبح مقصورا على حياته الحاضرة.
الطموح و الرياء:
كما أن هذا الرياء يدل على محدودية الطموح لدى العامل، فهو لا يملك الطموح إلى الخلود، و إلى الحياة الحقيقية، و إلى التكامل؛ لأنه أخلد إلى الأرض، و أراد أن يعيش لها، و فيها، و لا يريد أن يتسامى عنها، و أن ينطلق منها في صراط التكامل، ليصل إلى الحياة الأفضل، و الأكمل، بل يريد أن يحتفظ بهذا الوجود المحدود،